مكتبة الملك عبدالعزيز العامة.. صرح ثقافي ضخم يسخّر جهوده لحفظ وحماية التراث العربي والإسلامي
تعد مكتبة الملك عبد العزيز العامة صرحاً ثقافياً عريقاً استطاع أن يثبت حضوره في المشهد الثقافي السعودي والعربي والإسلامي، خاصة وأن المكتبة تولي التراث الإسلامي اهتماماً خاصاً من خلال استراتيجيتها المعرفية في حفظ التراث وتوثيقه وأرشفته، وإتاحته للباحثين والعلماء وطلبة العلم لفهم محتواه الأدبي والفني والعلمي، باعتباره أحد شواهد الحضارة العربية والإسلامية التي تقدمها للعالم.
وثائق نادرة
وتضم مكتبة الملك عبد العزيز العامة آلاف المقتنيات من الكتب النادرة والمخطوطات والوثائق والصور والعملات والمنمنمات التي تشكل جزءاً كبيراً من مقتنياتها، بالإضافة إلى توفير مواد غنية من الكتب المعروضة للقراء والباحثين والتي تتجاوز 3 ملايين كتاب. وقد وضعت المكتبة منذ افتتاحها عام 1987 ضمن أهدافها الاستراتيجية المعرفية: الحفاظ على المحتوى الفكري العربي والإسلامي بعناصره ومصادره الثقافية المتنوعة، وزيادة هذا المحتوى بما يتوافق مع متطلبات المسؤولية الثقافية التي تضطلع بها، وبما يتماشى مع تحولات البنية المعرفية العالمية التي تتطلب زيادة المحتوى الفكري والتقني رقمياً ووجود هذا المحتوى لمن يطلبه من الباحثين والمهتمين والطلاب حول العالم.
قواعد المعلومات
وأصدرت المكتبة مجموعات كبيرة من الكتب المتخصصة في تاريخ المملكة والعالمين العربي والإسلامي، وألقت الضوء على الجوانب المميزة للحضارة العربية الإسلامية، وعقدت ندوات دولية حول تراث العالم العربي والإسلامي، وخاصة ندوة الأندلس وندوة مصادر المعلومات في العالم الإسلامي، كما أسست قواعد معلوماتية رقمية متينة على شبكة الإنترنت من خلال مشروع الفهرس العربي الذي أطلقته لخدمة المكتبات والثقافة العربية والإسلامية.
ويشكل التراث العربي والمقدسات الإسلامية ركيزة أساسية في عمل المكتبة، حيث تمتلك المكتبة (8571) كتاباً في التراث، وأكثر من (8000) مخطوطة وأكثر من (32) ألف كتاب نادر، كما تمتلك المكتبة (700) خريطة نادرة خاصة للجزيرة العربية منذ عام (1482م)، بعضها باللغات اللاتينية القديمة. وفي مجال العملات والمسكوكات النادرة، حرصت إدارة مكتبة الملك عبد العزيز العامة على اقتناء أكثر من (7600) عملة نادرة، ما بين ذهبية وفضية وبرونزية، تعود إلى عصور إسلامية مختلفة.
كنوز التراث
وقد قامت المكتبة بتصوير جميع مخطوطاتها رقمياً، والتي بلغت أكثر من مليوني صورة، ووضعتها على أقراص مدمجة (سي دي). ولا تكتفي المكتبة بكنوزها التراثية التي تجعلها من أهم المكتبات في العالم في حفظ التراث العربي والإسلامي، بل تعمل أيضاً على توثيق التراث الوطني بدراسات وأبحاث قيمة. ومن بين هذه الكتب التي تصدرها المكتبة تلك الصادرة عن الخيول والإبل والفروسية والصقور وطرق الحج والمجوهرات، بالإضافة إلى الكتب التي تتناول الحرمين الشريفين مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس والمسجد الأقصى. وتحتضن المملكة العربية السعودية التراث العربي والإسلامي والحرمين الشريفين في مكة والمدينة، حيث تحافظ المكتبة على أهم عناصر التراث الديني والفكري والأدبي، وأصدرت مجموعة كبيرة من الكتب التي توثق جماليات هذا التراث على أرض المملكة، منها: كتاب مصور باللغة الإنجليزية بعنوان السعودية، يتضمن (148) صورة التقطها المصور العالمي الإيطالي الشهير أومبرتو دي سيلفيرا، وكتاب “الجمل في الفن والتاريخ والثقافة القديمة في المملكة العربية السعودية”. للدكتور مجيد خان، ويتضمن (400) صورة وكتاب: (مشاهدة الحرمين الشريفين ومظاهر الحج) للدكتور صاحب عالم الأعظمي الندوي، يعرض فيه صوراً التقطها الحاج أحمد ميرزا عام 1325هـ/1907م، منها: صور المسجد الحرام في مكة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة، وجبل عرفات، وباب العنبرية، ومسجد الخيف، ومقابر منى والمعلا والبقيع، ومسجد قباء في المدينة المنورة.
مصدر مهم للباحثين
قامت المكتبة بترجمة كتاب (المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية: تاريخ العلاقات التجارية بين الصين وشبه الجزيرة العربية)، الذي يسلط الضوء على مساهمات الأمة العربية الإسلامية والصين، وإنجازاتهما العلمية في العديد من المجالات مثل الفلك والعلوم والجغرافيا والزراعة والطب وغيرها، ويبين أن بينهما علاقات قديمة قبل الإسلام وبعده، إذ تبادلا التجارة والسفر عبر طريق الحرير، ويأتي الكتاب ليشكل ترجمة حقيقية لواقع هذا التعاون والتفاهم المتبادل، ليكون مصدراً مهماً للباحثين من الحضارتين، وتقوم المكتبة بأنشطة مختلفة منذ إنشاء فرعها في جامعة بكين في جمهورية الصين الشعبية قبل ست سنوات، بهدف تعريف الصينيين بمختلف عناصر الثقافة السعودية والعربية والإسلامية.
تحتوي المكتبة على مجموعة من الكتب النادرة في طبعات أوروبية قديمة ونادرة، تتكون من (78) كتاباً عن سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، كما تضم المجموعة (113) كتاباً مترجماً إلى اللغات الأوروبية القديمة من القرآن الكريم، بالإضافة إلى (55) كتاباً في الدراسات القرآنية، و(54) كتاباً متعلقاً بالمصادر الإسلامية.
أرشيف الصور النادرة
تضم مكتبة الملك عبد العزيز العامة أرشيفاً للصور يعد من أندر المجموعات الفوتوغرافية في العالم، التقطها أشهر مصوري الشرق والمنطقة العربية منذ بداية التصوير الشمسي في عام (1740م)، بالإضافة إلى صور التقطها الرحالة وربابنة السفن والعسكريون والمبعوثون والقناصل والسياسيون الذين زاروا المنطقة منذ منتصف القرن الماضي وحتى بداية القرن الحالي، حيث يعد هذا الأرشيف التاريخي للصور أحد أهم المصادر في العالم التي تجسد صورة المنطقة العربية قديماً.
وتضم مكتبة الملك عبد العزيز العامة نحو (365) صورة بأصولها لم تنشر من قبل للحرمين الشريفين التقطها المصور المصري العالمي أحمد باشا حلمي، كما تضم المكتبة (700) خريطة نادرة خاصة بالجزيرة العربية منذ عام (1482م)، بعضها باللغات اللاتينية القديمة.
وفي مجال العملات والمسكوكات النادرة حرصت إدارة مكتبة الملك عبد العزيز العامة على اقتناء أكثر من (7600) عملة نادرة ما بين ذهبية وفضية وبرونزية تعود إلى عصور إسلامية مختلفة.
ترجمات المستشرقين
كما أصدرت مجموعة من ترجمات كتب الرحالة والمستشرقين الذين جابوا شبه الجزيرة العربية في بداية تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود، وحتى تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود في 23 سبتمبر 1932م. ومن أبرز ترجمات كتب الرحالة التي أصدرتها المكتبة كتاب وليم فيسي “الرياض.. المدينة القديمة”، وكتاب مسعود عالم “أشهر في بلاد العرب”، وكتاب تاكيشي سوزوكي “ياباني في مكة”، وكتاب ليوبولد فايس (محمد أسد). "الطريق إلى مكة"، ر.ش. تشيزمان "في شبه الجزيرة العربية المجهولة"، إليزابيث مونرو "فيلبي العربية"السيدة إيفلين كوبولد "الحج إلى مكة"أ. ج. شيرباتوف "الخيول العربية الأصيلة"، و إيف بيسون "ابن سعود ملك الصحراء".
القضية الفلسطينية
وتضم المكتبة قاعدة كبيرة من الكتب والوثائق والخرائط، كما أصدرت كتاباً مصوراً كبيراً عن الأقصى عن كافة الأماكن المقدسة والمواقع التراثية ومسجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى، ويضم مجموعة كبيرة من الوثائق والصور النادرة بعنوان "المسجد الأقصى"حيث احتوى الكتاب على (360) صورة تتضمن كافة تفاصيل المسجد الأقصى.
اهتمت مكتبة الملك عبد العزيز العامة منذ إنشائها بتوثيق تاريخ القدس، وأقامت مؤتمرات وندوات منها ندوة ومعرض صور فوتوغرافية عن القدس عام 1998م، كما أنشأت مكتبة بحثية فريدة من نوعها تعنى بالقضية الفلسطينية، تحتوي على آلاف الكتب التي تتناول أبعاد فلسطين التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والجغرافية والدينية والثقافية المختلفة، ومن الكتب النادرة التي تمتلكها المكتبة والتي تعد مرجعاً مهماً للقضية الفلسطينية كتاب: "مدينة القدس" كتاب من تأليف سي آر كوندر، نُشر في لندن عام 1909، وهو يقدم ملخصًا للأبحاث التاريخية والأثرية التي أجريت في القرن التاسع عشر والمتعلقة بتاريخ ومباني مدينة القدس الأثرية على مدى أكثر من 4000 عام.
التاريخ الأندلسي
اهتمت المكتبة بالتاريخ الأندلسي من جميع جوانبه الثقافية والأدبية والفنية والعلمية، فأصدرت عدداً من الكتب، منها كتاب: (مصادر الأندلس)، الذي يتناول مراحل عديدة في تاريخ الأندلس، من خلال التعريف بمجموعة متنوعة من المصادر والمراجع التي تناولت هذا التاريخ، ويتضمن هذا الكتاب مختارات من مقتنيات مكتبة الملك عبد العزيز العامة حول موضوعات مختلفة تتعلق بالأندلس، منها: التاريخ، والأدب، والشعر، والحروب، والزراعة، والعملات، والفنون.
لمطالعة المزيد: موقع السفير وللتواصل تابعنا علي فيسبوك الدبلوماسي اليوم و يوتيوب الدبلوماسي اليوم.