القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسخها الثلاث تقود المملكة لقائمة أفضل اقتصادات العالم
وتقف المملكة على أعتاب مرحلة جديدة من التطور بتميزها في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي وسعيها إلى الريادة العالمية فيه بعد أن كتبت قصص نجاح في هذا المجال التقني المتقدم تبوأت خلالها مراتب متقدمة في المؤشرات العالمية، معززة قدرتها على قيادة المشهد المحلي والإقليمي في الذكاء الاصطناعي للوصول إلى مصاف أفضل الاقتصادات في العالم المبنية على المعلومات والبيانات والذكاء الاصطناعي، وتحقيق طموحاتها في أن تصبح مركزاً تقنياً عالمياً لأحدث التقنيات المتقدمة والتقنيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.
وتعد تقنيات الذكاء الاصطناعي من أهم المقومات الأساسية التي ساهمت في إنتاج تقنيات غير مسبوقة جعلت الدول تعتمد عليها في تشكيل حاضرها وبناء مستقبلها، فيما تتولى الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” منذ إنشائها في عام 2019 قيادة الملف الوطني للذكاء الاصطناعي والبيانات بما فيها البيانات الضخمة، وتعد المرجع الوطني في كل ما يتعلق بها تنظيماً وتطويراً وتعاملاً، وتمكين القطاعات التنموية الإنتاجية والخدمية في المملكة لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 الرامية إلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة والتكنولوجيا.
لقد شكّلت القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي سعت سدايا إلى تنظيمها بثلاث نسخ، نقطة تحول مهمة في مسيرة التنمية التي تعيشها المملكة كمنصة سعودية عالمية تطل على العالم المتقدم وتواكب حركته التنموية، فضلاً عن أن هذه القمم تعد عاملاً مساهماً في نقل جهود الاهتمام السعودي بهذه التقنيات على المستوى المحلي إلى اهتمام دولي من خلال العمل على توحيد الجهود الدولية وتوحيد الرؤى نحو مفهوم استخدام هذه التقنيات وضبط استخداماتها لتصبح لبنة بناء للمجتمعات البشرية لا أداة هدم لها، وتساهم في تحسين جودة حياة الإنسان وتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030. ومنذ تنظيم النسخة الأولى في عام 2020م ثم الثانية في عام 2022م ثم الثالثة في عام 2024م تعد من أهم القمم التي ينتظرها المتخصصون في الذكاء الاصطناعي وقادة الفكر والابتكار ورؤساء كبرى شركات التقنية وصناع السياسات الاقتصادية في العالم. حتى أنها أصبحت محط أنظار المراقبين حول العالم وهم يتابعون عن كثب أحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي وعلاقته ببناء مستقبل البشرية، وهو ما انعكس في مستوى المتحدثين والحضور الذين أثروا هذه القمم في نسخها الثلاث، بما في ذلك أعمال القمة في نسختها الثالثة التي تجاوز عدد المتحدثين فيها 456 متحدثاً، بحضور مئات الخبراء والمختصين والمهتمين بالذكاء الاصطناعي من أكثر من 100 دولة.
وتأتي رعاية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي للقمم العالمية الثلاث للذكاء الاصطناعي في إطار اهتمام سموه – أيده الله – بتعزيز مساهمة المملكة في صياغة مستقبل مشرق للمجتمعات الإنسانية من خلال تعظيم الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وإرساء إطار أخلاقي يضمن الاستخدام الأمثل لهذه التقنيات على نطاق واسع.
لقد قطعت سدايا خطوات كبيرة في مجال تطوير تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي، وعقدت القمة الأولى في عام 2020 في عام استثنائي للذكاء الاصطناعي، كما قال سمو ولي العهد -حفظه الله- في كلمته التي ألقاها خلال القمة، حيث قال سموه: "إن عام 2020 هو عام استثنائي لاختبار قدرات الذكاء الاصطناعي في الوقت الذي يشهد فيه تشكيل حالة عالمية جديدة تعيد تعريف أنماط الحياة والأعمال والتعلم" وكرسّت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي جهودها لإنجاح تنظيم هذه القمة التي استمرت يومين عبر 30 جلسة شارك فيها نحو 60 متحدثاً من أصحاب المعالي الوزراء وقادة الفكر ورؤساء شركات التقنية من 20 دولة.
أما النسخة الثانية من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي فقد تميزت بالحضور النوعي لشخصيات وخبراء من مختلف دول العالم، وحجم الاتفاقيات التي تجاوزت 40 اتفاقية جمعت شراكة فريدة بين القطاعين العام والخاص نحو الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير الخدمات التي تقدمها الجهات، بالإضافة إلى الإعلان عن 10 مبادرات محلية ودولية بين شركات ومؤسسات عالمية، واستطاعت أن تجمع أكثر من 200 متحدث دولي ومحلي وإقليمي في الرياض وسط حضور يقارب 10 آلاف شخص من 100 دولة.
وكان أبرز نتائج هذه القمة إنشاء "المركز الدولي لبحوث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي" وأصدر مجلس الوزراء قراراً في عام 2023 بالموافقة على إنشائه في مدينة الرياض، ويتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ووافق المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في دورته الثانية والأربعين على منح المركز صفة مركز دولي من الفئة الثانية تحت رعاية اليونسكو، وأعلنت اليونسكو عنه رسمياً في القمة الثالثة.
واستكملت النسخة الثالثة من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي النجاحات الكبيرة التي حققتها النسختان الأولى والثانية خلال عامي 2020 و2022، لكنها تميزت باتساع محاورها التي غطت جوانب الاهتمام الدولي بالبيانات والذكاء الاصطناعي في ظل التطور السريع لتقنياتها وتأثيرها الشامل على المستويين الفردي والمؤسسي. وتناولت القمة عدداً من الموضوعات التي تهم المجتمع الدولي، منها دور الحكومات في تسخير قدرات تقنيات الذكاء الاصطناعي لدفع النمو الاقتصادي في العالم وتحقيق الصالح العام للبشرية، مع زيادة الوعي بهذه التقنيات الرائدة وتأثيرها على مستقبل البشرية، وكيف يعمل الذكاء الاصطناعي على إعادة تشكيل حياتنا. كما استعرضت موضوعات التفاعل بين البشر والذكاء الاصطناعي وتأثير الأخلاق والحوكمة والذكاء الاصطناعي على مجالات التعليم والثقافة والعلوم. وشهدت القمة مشاركة أكثر من 456 متحدثاً وحضور نخبة من الشخصيات العالمية من 100 دولة خلال الفترة من 10 إلى 12 سبتمبر 2024م في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض. وحظيت بتفاعل كبير سواء من حيث الحضور أو المشاركين الذين توافدوا إلى الرياض وتجاوز عددهم 30 ألف شخص على مدى ثلاثة أيام، انضموا إلى أكثر من 150 جلسة وورشة عمل، فيما انضم 3.7 مليون شخص افتراضياً من مختلف أنحاء العالم.
كما شهد توقيع أكثر من 80 اتفاقية ومذكرة تفاهم محلية ودولية، و25 إعلاناً ومبادرة، جميعها مرتبطة بتحقيق الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، كما أقيم معرض مصاحب ضم عروضاً لأكبر شركات التقنية العالمية، خرجت بحزمة من المخرجات التي تخدم تحقيق الاستفادة المثلى من الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي وضمان توظيف تقنياته لخدمة البشرية جمعاء، وتم خلاله الإعلان عن عدد من المبادرات والاتفاقيات بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص وبين هذه الجهات وكبرى شركات التقنية والذكاء الاصطناعي في العالم لتتألق هذه الاتفاقيات أمام أضواء كاميرات التلفزيون والتصوير الفوتوغرافي التي غطت هذه القمة محلياً وإقليمياً ودولياً نظراً لأهميتها الدولية.
وتميزت القمة الثالثة بالعديد من المخرجات، منها إقامة أول أولمبياد دولي للذكاء الاصطناعي بمشاركة 25 دولة، والإعلان عن أفضل نموذج لغوي كبير باللغة العربية “عالم”، وإعلان شراكة المملكة مع الأمم المتحدة بشأن حوكمة الذكاء الاصطناعي، وإطلاق المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في الرياض برعاية اليونسكو، والشراكة بين المملكة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشأن الذكاء الاصطناعي الموثوق.
كما تم خلال القمة إطلاق ميثاق الرياض للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي، وهو أول ميثاق لتعزيز التعاون الإسلامي في هذا المجال المتقدم، ناهيك عن توقيع مذكرات تفاهم مع شركات عالمية مع شركة “آي بي إم” لإنشاء مركز للتميز في الذكاء الاصطناعي، وشركة مايكروسوفت لإنشاء مركز للتميز في الذكاء الاصطناعي التوليدي، والإعلان عن مبادرة المليون سعودي في الذكاء الاصطناعي.
لمطالعة المزيد: موقع السفير وللتواصل تابعنا علي فيسبوك الدبلوماسي اليوم و يوتيوب الدبلوماسي اليوم.