أمين "حكماء المسلمين" يؤكد أهمية تعزيز دور الأديان في صناعة المستقبل ومواجهة التحديات العالمية
أكد الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين محمد عبد السلام أن القيادات الدينية باعتبارها مرجعيات أخلاقية لتوجيه البشرية نحو التعايش السلمي لعبت دوراً مهماً في التوجيه الأخلاقي عبر التاريخ، من خلال تأكيد منظومة القيم للمجتمعات والأفراد على حد سواء، مشيراً إلى أن العلاقة بين الدين والأخلاق مترابطة؛ إذ ينظر كثير من أتباع الأديان إلى قيمهم الأخلاقية على أنها لا تنفصل عن عقيدتهم، وهو ما يعكس أهمية الأطر الدينية في توجيه السلوك الأخلاقي.
وقال الأمين العام في كلمته خلال الاجتماع التحضيري لقمة المستقبل التي نظمتها الأمم المتحدة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، إن الزعماء الدينيين من خلال القواسم المشتركة بين الديانات المختلفة لديهم فرصة فريدة لمعالجة الفجوات وتعزيز التفاهم وبناء مجتمعات أكثر سلاما وعدالة؛ لذلك ينبغي توفير الدعم والتمكين اللازمين لهم داخل عمليات صنع القرار، ومن خلال منصات الإعلام المختلفة والتمويل والدعم الذي يحتاجونه، لتمكينهم من القيام بأدوارهم المجتمعية بشكل أكثر فعالية، ومواجهة دعاة التطرف والعنف والعنصرية الذين يجهلون جوهر رسالة الأديان وهدفها، أو يقدمون تفسيرات مشوهة لها، أو تحركهم مصالح سياسية وفئوية ضيقة، وكذلك في ظل التحديات والحروب والصراعات التي يواجهها عالمنا اليوم.
وأوضح أن مجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف يؤمن بالدور المحوري لقوة الإيمان في معالجة القضايا العالمية الملحة، وهو ما جعلنا نسعى إلى تعزيز رسالة التعايش السلمي والتسامح والحوار بين الأديان، مشيراً إلى أن من أهم ثمار هذه الرؤية توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية من قبل أهم رمزين دينيين عالميين في العالم، فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي عام 2019، تلك الوثيقة التي قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم توقيعها للاحتفال بها يوماً عالمياً للأخوة الإنسانية، لأنها مخصصة لقيم الحوار والتعايش بين الأديان.
وأضاف الأمين العام أن هذه الوثيقة أفرزت حراكاً عالمياً كبيراً في مجال تعزيز الحوار بين الأديان والتواصل الثقافي والتعارف الإنساني بين جميع البشر بغض النظر عن اختلافاتهم وتنوعهم، فضلاً عن التنسيق في التعامل مع عدد من التحديات التي تواجه العالم الآن، ومن ذلك قيام مجلس حكماء المسلمين بتنظيم القمة العالمية للزعماء والرموز الدينية من أجل المناخ وإطلاق وثيقة نداء الضمير “بيان أبوظبي المشترك للمناخ” الذي وقعه 30 من الزعماء والرموز الدينية من مختلف أنحاء العالم، ويوجه نداء إلى صناع القرار وواضعي السياسات لاتخاذ تدابير فعالة وملموسة لمعالجة قضية تغير المناخ، بالإضافة إلى تنظيم الجناح الديني في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، وهو الأول من نوعه في تاريخ مؤتمر الأطراف، ومن المقرر أن تستمر هذه الجهود في أذربيجان في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، حيث يمثل هذا الجناح منتدى عالمياً للزعماء والرموز الدينية لمواجهة تحدي قضايا المناخ، كما يعمل المجلس على عدد من المبادرات الأخرى؛ مثل جولات الحوار بين الشرق والغرب، وقوافل السلام الدولية، ومنتدى الشباب صناع السلام، وغيرها من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز دور الأديان في صنع السلام ومواجهة التحديات العالمية.
وفي ختام كلمته دعا الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين القائمين على قمة المستقبل إلى إدراج المنظور الديني في المناقشات حول تغير المناخ والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والحوكمة، وإضافة محور “الحوار بين الأديان والثقافات” إلى أي ميثاق أو مخرجات للقمة المقبلة، بما يثري الحوار بوجهات نظر متنوعة ويستفيد من الحكمة الدينية والثقافية للمجتمعات. وشدد على ضرورة إنشاء لجنة تنفيذية منبثقة عن القمة لترجمة الأهداف والاستراتيجيات والالتزامات المتخذة إلى خطط قابلة للتنفيذ على مستوى الجمهور العام والمجتمعات المحلية، من خلال الشراكات مع المجتمع المدني والرموز الدينية والثقافية للمجتمعات المحلية.
تستضيف جامعة كولومبيا الاجتماع التمهيدي لقمة المستقبل غدًا وبعد غد (22 و23) من سبتمبر الجاري، بمقر الأمم المتحدة، استعدادًا للمناقشة العامة رفيعة المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة؛ وستتكون القمة من جلسات تركز على خمسة مسارات رئيسية، بما في ذلك التنمية المستدامة والتمويل، والسلام والأمن، ومستقبل رقمي للجميع، والشباب والأجيال القادمة، والحوكمة العالمية، وغيرها من الموضوعات التي تتقاطع مع كل أعمال الأمم المتحدة، بما في ذلك حقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، وأزمة المناخ. وستكون النتيجة المباشرة للقمة هي النسخة النهائية من ميثاق المستقبل، والميثاق الرقمي العالمي، وإعلان الأجيال القادمة.
لمطالعة المزيد: موقع السفير وللتواصل تابعنا علي فيسبوك الدبلوماسي اليوم و يوتيوب الدبلوماسي اليوم.