على الرغم من أن الممثل التركي تشاتاي أولوسوي يتمتع بشهرة هائلة في جميع أنحاء العالم، ويعتبر من أبرز الممثلين الأتراك، إلا أنه كلما عُرضت أعماله، تتصدر نسب المشاهدة في عدد كبير من الدول والمنصات الرقمية، كما اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي مواقع التواصل، وكثر الحديث عنها والإشارات الإيجابية إليها، وهو ما ينطبق بالضبط على مسلسل الخيال العلمي “الحاكم” الذي تم إنتاجه عام 2020 لمنصة نتفليكس، وتصدر نسب المشاهدة لـ فترة طويلة، لعب فيها “تشاغتاي” دور المنقذ الذي تم اختياره لإنقاذ مدينة إسطنبول من الغزاة من جنس مختلف عن البشر.
ولا يختلف الوضع إطلاقاً مع مسلسل “الخياط” الذي تم إنتاجه هذا العام وعرض في جزأين، ظهر فيه جعتاي بشكل مختلف تماماً عن جميع أدواره السابقة، ولا يزال العمل يتصدر المشاهدات منصة Netflix في عدد كبير من الدول حول العالم، خاصة مع الزخم الإعلامي الكبير الذي رافقها. مُعَرَّض ل.
ملحمة إنسانية لم تنال حقها من الشهرة:
يعتبر فيلم “حياة من ورق” من الروائع التي قدمها تشاتاي أولوسوي عام 2021، إلا أنه يحظى بشهرة كبيرة كباقي أعمال النجم التركي، علماً أنه احتل المركز الثالث في أكثر الأعمال مشاهدة على منصة نتفليكس، واحداً بعد يوم من صدوره، واستمر في القائمة. العمل الأكثر مشاهدة لمدة شهر كامل، لكن هذا قد لا يكون كافياً إذا كنا نتحدث عن عمل يصور ملامح حياة أشخاص ضاعت آمالهم في حياة كريمة، بسبب انكسار وهجران أسرهم .
يسلط الفيلم الضوء على قضية إنسانية بحتة، والتي تعتبر من أهم القضايا في العالم، وهي معاناة “أطفال الشوارع” وكيف تتشكل سلوكياتهم ومشاعرهم، خاصة أولئك الذين طردتهم أسرهم، الذين دفعوهم لمواجهة الحياة ومصاعبها بقلوبهم البريئة، وهجروهم وهم ما زالوا زهورًا لم تنمو بعد. كان عليهم أن يتحولوا إلى أشواك قادرين على مواجهة كل ظروف الحياة الصعبة، والقتال من أجل الاستمرار فيها ومواجهة كل دواماتها.
الأداء خارج الحدود:
لا يمكن وصف أداء تشاجاتاي وتجسيده لشخصية “محمد” في فيلم “حياة من ورق” إلا بأنه “خارج عن المألوف”. هذه “الشخصية” التي يقدمها تشاجاتاي تجبر الناس على تصديقه، والعيش معه بكل تفاصيله الدقيقة، والشعور بألمه، كما تضع الجمهور في محاكاة حقيقية للحياة التي يعيشها هؤلاء الأطفال الذين نراهم في حياتنا ألف مرة، ولا نعرهم أي اهتمام، بل إن البعض يرفضهم بلا ذنب ارتكبوه، إلا أنهم كانوا ضحايا أسر مفككة.
يرسم تشاجاتاي خيوط شخصيته بفرشاة رسام محترف. يستخدم أدق الألوان على قماشه، فيُغمق أجزاء كبيرة منه، ويترك فيه مساحة صغيرة للبياض والأمل.
أدخل بطل مسلسل «الخياط» جميع مشاهدي الفيلم إلى حياة «محمد»، وكأنهم يعيشون معه في الواقع الافتراضي. بكوا تارة، وتألموا تارة أخرى، وضحكوا معه من فرحه البسيط المبني على فرح الآخرين، ونثر السعادة في قلوبهم.
قصة الحياة الحقيقية:
تدور قصة فيلم “حياة من ورق” حول “محمد”، الشاب الذي عاش حياة بائسة، مما جعله يعمل بجمع النفايات من الشوارع، ويعيش وسط مستودع ضخم للفرز والبيع. هو – هي. يشتهر بمعاملته الطيبة لمجموعة كبيرة من الأطفال المشردين الذين يعملون معه، لكن هذا الشاب… يعاني من عدة أمراض، ويسعى لادخار كل ما يكسبه لإجراء عملية زراعة الكلى، مما سيمنحه الأمل في الحياة. حياة أطول.
يلتقي محمد بالطفل علي الذي يعيده إلى ذكريات طفولته البائسة، فيتشبث به وكأنه والده الحقيقي الذي أنجبه. بل إنه يخاف عليه، ويحرص على مساندته، ويشاركه مشاعر يمكن وصفها بأنها أعظم بكثير من مشاعر الأبوة.
مؤلف العمل المؤلف التركي أرجان ميهت إردام يفاجئ المشاهدين بأن “محمد” هو “علي” نفسه، وأن حب الشاب لذلك الطفل ما هو إلا محاولة للتخلص من الماضي والعودة إليه ، على أمل تغييره.
قصة «محمد» و«علي» لم تدم طويلاً، واتسمت سطور نهايتها بألم وحزن لا مثيل لهما. فهو أقرب إلى الحقيقة التي يعتقدها الناس، ويصور المصير الذي سيعانيه هؤلاء الأطفال إذا استمر تهميشهم، وتجاهل معاناتهم الدائمة.
وعلى الرغم من مرور عامين كاملين على بداية الفيلم، الذي أخرجه كان أولكاي، وشارك في بطولته: عامر علي ديجرول، وأرسين آرسي، وتورجاي تانوكو، إلا أنه لا يزال ثمينًا ويستحق المشاهدة، فهو أحد أفلام الأعمال التي تستكشف فينا معاني الإنسانية، وتسلط الضوء على معضلة نعيشها الآن… وقد حان الوقت لنسلط الضوء عليها بشكل حقيقي يساهم في تخفيف معاناة الملايين من هؤلاء الأطفال، الذين حضورهم ولا تخلو من المجتمع العالمي.
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر