بوجه شارد الذهن، وتعبير شقي، وعينين مليئتين بالحزن ورغبة في الانتقام، يجلس المواطن الفلسطيني أبو محمد حجيلة (44 عاماً)، على جزء من أنقاض منزله المدمر في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، متأملاً حجم الدمار الكبير الذي خلفته قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الحرب الإبادة الجماعية ضد القطاع وسكانه.
أمام عينيه تحاول زوجته سماهر حجيلة (40 عاماً) جمع الفتات لإعداد وجبة طعام مع أطفالها، بينما يجمع زوجها حجيلة الخشب والورق لإشعال النار، ويستعيد ما يمكن استخراجه من أنقاض منزله المدمر لمساعدته على البقاء.
ويواجه قطاع غزة معاناة كبيرة جراء جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة، وتتعرض مدينة “غزة” وسكانها لأشكال مختلفة من القمع والعنف منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتشمل جرائم الاحتلال القصف المتواصل للمناطق السكنية، وفرض الحصار الذي يمنع وصول المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية، والاعتداءات التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية.
وقد تسببت هذه الظروف الصعبة في تدهور كبير في الأوضاع المعيشية والصحية لأهالي غزة، الذين يعيشون في حالة دائمة من الخوف والقلق، ونتيجة لهذه الأحداث أصبح أهالي غزة يعيشون في مناطق غير صالحة للعيش.
ويواجه مواطنو حي الشجاعية المدمر صعوبات في البقاء على قيد الحياة في ظل انعدام الخدمات الأساسية ونقص الغذاء وأزمة نقص المياه وتدمير البنية التحتية، في ظل حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الصهيوني للشهر العاشر على التوالي.
ويعاني مئات الآلاف من المواطنين في شمال قطاع غزة أيضاً من صعوبة بالغة في توفير مياه الشرب، حيث يقطعون مسافات طويلة للحصول على بضعة لترات منها، ويلجأ سكان الشمال إلى ترشيد استخدام مياه الشرب خوفاً من انقطاعها وعدم الحصول على كميات جديدة.
غزة تتضور جوعا
ويواجه سكان غزة أزمة نقص غذائي متفاقمة تهدد حياتهم بسبب استمرار الحرب وتشديد الحصار ومنع دخول المواد الغذائية.
بين شهري يونيو/حزيران الماضي ويوليو/تموز الجاري، نفذ جيش الاحتلال الصهيوني عملية برية في حي الشجاعية، أسفرت عن استشهاد وإصابة مئات المواطنين، وأحدثت دماراً هائلاً، وتحول الحي إلى “منطقة منكوبة غير صالحة للسكن”.
ويقول حجيلة الذي يسكن مع عائلته في أحد البنايات المدمرة جزئياً في حي الشجاعية: “حياتنا كلها خوف، ونعيش في خطر دائم من الموت، وسكان غزة معرضون للإبادة الجماعية”.
ويعاني الرجل الأربعيني وعائلته من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه، ويضيف: “الجوع أصبح منتشراً في المنطقة، ونعاني من الضغوط النفسية والتراكمات ونقص المياه والغذاء والدواء، وضعنا وصل إلى الصفر”.
ويوضح أن زوجته أصيبت بمرض تضخم الكبد والطحال بسبب استنشاق دخان نيران الطبخ، وأن الأسرة لا تملك القدرة على تقديم العلاج اللازم."اللون:#e74c3c؛">منطقة كوارث غير صالحة للعيش
هو أكمل: "لقد أصبح الحي أشبه بمدينة أشباح، حيث المنازل قليلة السكان، ولا يوجد أي مقومات للحياة مثل الماء أو الكهرباء، ونعيش في حالة من الخوف الدائم، ننام في الليل ونستيقظ في الصباح خائفين حتى ونحن نائمون.".
وأضافت زوجته سماح: "لقد تشردنا ثلاث مرات مثل أهل غزة، ونعيش الآن في دكان تحت منزل مدمر جزئيا، والحياة صعبة جدا من حيث الغذاء والمأوى والشراب.".
هي اضافت: "نحن نعيش في منطقة منكوبة والدمار يحيط بنا من كل جانب فلا يوجد هنا أي شيء أو حياة الحي أصبح مخيف لعدم وجود سكان فيه".
سماهر التي تعاني من أزمة صحية بسبب تضخم الكبد والطحال، وجهت نداء إلى العالم أجمع "للوقوف إلى جانب الفلسطينيين وإنقاذهم من الألم والمآسي التي يعيشونها".
معاناة النزوح
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يعاني المواطنون من النزوح، حيث يصدر الاحتلال أوامره بإغلاق معبر رفح. "أوامر الإخلاء" لسكان المناطق والأحياء السكنية، تمهيداً لقصفها وتدميرها والتسلل إليها.
وخلال فترة نزوحهم يضطر المواطنون إلى اللجوء إلى منازل أقاربهم أو معارفهم، ويقيم بعضهم خياما في الشوارع أو المدارس أو أماكن أخرى كالمقابر، في ظل ظروف إنسانية صعبة حيث لا تتوفر المياه أو الغذاء الكافي وتنتشر الأمراض.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا): إن تسعة من كل عشرة أشخاص في المنطقة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 2.3 مليون نسمة، نزحوا قسرا.
وأضافت أن العائلات النازحة تبحث عن مأوى أينما تستطيع، سواء في المدارس المكتظة أو المباني المدمرة أو الخيام المتواضعة على الرمال أو حتى وسط أكوام القمامة، مؤكدة أن أيا من هذه الأماكن ليست آمنة و”لم يعد لدى الناس أي مكان يذهبون إليه”.
المعاناة مستمرة
وفي منطقة قريبة أخرى يجلس أبو محمد الحرازين (52 عاماً) وعائلته بالقرب من منزلهم المدمر جزئياً في “الحي المنكوب”.
ويقول الحرازين: “نعيش في خوف وقلق ورعب ونقص في الغذاء والماء، عانينا في حرب الإبادة بحثاً عن لقمة العيش، ونعاني من الغلاء ونقص الغذاء والدواء”.
ويضيف: “منزلنا تعرض للقصف عدة مرات ونحن نعيش حاليا ظروفا بائسة داخله، حيث استعدنا مساحة داخله رغم الدمار الكبير”.
وفي سياق متصل، تشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري حرب إبادة على قطاع غزة، أسفرت عن سقوط أكثر من 129 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من عشرة آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
لمطالعة المزيد: موقع السفير وللتواصل تابعنا علي فيسبوك الدبلوماسي اليوم و يوتيوب الدبلوماسي اليوم.