وتبذل الدولة المصرية جهوداً حثيثة، بمشاركة الولايات المتحدة وقطر، لإنجاح مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى، في لحظة حرجة ومفصلية في تاريخ المنطقة، فضلاً عن التوترات المتزايدة في المنطقة، في ظل تهديدات إيران وحزب الله، بعد اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية، والقيادي في حزب الله فؤاد شكر، ما يضع المنطقة على “طبق ساخن”.
تأجيل الرد الإيراني
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية جهاد حرب في تصريحات خاصة لـ«روز اليوسف»، إن المبادرة التي طرحها الوسطاء رفعت منسوب الآمال خلال الأيام الماضية بالعودة إلى المفاوضات، كما أعربت إيران عن أملها في ألا يضر ردها على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بالمفاوضات.
وأضاف “حرب” أن الولايات المتحدة ملتزمة بضرورة وقف إطلاق النار، وهو ما أكده الوسطاء سواء مصر أو قطر أو حتى الإمارات، في وقت حذف فيه التلفزيون الإيراني شعار “الانتقام للضيف”، وأعتقد أن هذا تأجيل للرد الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وخطوة لتسهيل إحياء المفاوضات.
وأضاف: “لدينا أكثر من 40 ألف قتيل وقطاع غزة المحاصر تعرض للقصف 10 مرات أكثر من ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، ومستشفيات غزة مليئة بالفرق الطبية من مختلف دول العالم، وكلهم يؤكدون أن عدد القتلى كبير، وأن ما يحدث جريمة إبادة ونتنياهو يصر عليها، وحكومته أصبحت تشكل تهديدا للأمن الدولي وعلى الولايات المتحدة كبح جماحها خوفا من انزلاق المنطقة إلى الحرب”، مشيرا إلى أننا نعلم أن المقاومة في الضفة الغربية تقترب من إنتاج الصواريخ، والحركة ستنتقل من غزة إلى الضفة، فضلا عن أن الفلسطينيين يثقون بأن مصر تقوم بأكثر من واجبها لتحقيق السلام، ومع ذلك تتهمها إسرائيل بالتقصير، والحقيقة أن على تل أبيب أن تتهم أجهزتها الأمنية بذلك.
ومن جانبه أكد الدكتور نبيل أحمد حلمي أستاذ القانون الدولي وعميد كلية الحقوق بجامعة الزقازيق الأسبق أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تتعامل بشكل سليم مع الأزمة، وهي الوحيدة التي تستطيع الضغط على كافة الأطراف للعودة إلى طاولة المفاوضات لوقف إطلاق النار، سواء من جانب الاحتلال الإسرائيلي الذي يخالف قواعد القانون الدولي، أو من جانب حماس، لافتاً إلى أنه من الصعب التنبؤ بمستقبل المفاوضات لأن هناك العديد من النقاط التي لا يعلن عنها الطرفان علناً، وكيف يرى كل طرف مطالب الطرف الآخر سواء كانت لصالحه أو ضده، ولكن هناك تعنت إسرائيلي واضح لأن إسرائيل تعترف بأن وقف القتال يعني هزيمتها.
التحركات الدبلوماسية
وأوضح “حلمي” لصحيفة “روز اليوسف”، أن نجاح المفاوضات يتوقف على جاهزية الطرفين وتدخل الدول الأخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية ومدى دعمها لإنجاح المفاوضات، مشيرا إلى أن مجازر الاحتلال الإسرائيلي مثل مجزرة مدرسة التباعين هي جزء من جرائم الإبادة الجماعية وهي جريمة وفق قواعد القانون الدولي وفي نظر الباحثين والمحللين، وبالتالي فهي مخالفة للقانون الدولي والقواعد الدولية.
وأكد أستاذ القانون الدولي أن محكمة العدل الدولية وفي رأيها الاستشاري الأخير قررت أن مجازر الاحتلال الإسرائيلي تنتهك قواعد القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن كل الدول المتحضرة تتحرك ضد جرائم الإبادة الجماعية، والتي تعتبر جرائم من الجرائم، وهو ما ينطبق على مجزرة مدرسة التباعين.
وأشار حلمي إلى أن مصر قامت بالعديد من التحركات لصالح القضية الفلسطينية لأنها الدولة الوازنة في هذا الوقت، وتحاول من خلال التدخل الموضوعي وقف الجرائم الإسرائيلية ووقف الحرب.
قال مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجزرة داخل مدرسة التبين بمدينة غزة، أدت إلى استشهاد أكثر من 100 شهيد وإصابة العشرات.
من جانبه، أوضح رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده أن تبرير الجيش الإسرائيلي للمجزرة بأنه استهدف موقعاً عسكرياً غير مثبت، لا يعد مبرراً لقتل هذا العدد الكبير من المدنيين.
وأضاف: “لا يمكن لإسرائيل أن تستمر في قتل وحرق وإصابة مئات المدنيين يوميا، ثم تدعي أن هناك أهدافا عسكرية في المناطق المستهدفة دون تقديم أدلة حقيقية أو السماح لجهات دولية مستقلة بالتحقق من صحة هذه الأدلة”.
وتابع: “كلما ارتكبت إسرائيل مجزرة تدعي نفس الاستهداف لمواقع عسكرية أو قيادات، رغم ثبوت كذب هذه الزعماء”. وقال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن مصر تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها، وتبذل جهدا كبيرا جدا لوقف نزيف دماء الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أنها منذ الأيام الأولى للحرب تبنت الرواية الفلسطينية، التي أصبحت الرواية العربية بالكامل بفضل مصر.
مجازر جيش الاحتلال
وأوضح “الرقب” أن البيان الثلاثي الصادر قبل أيام من مصر والولايات المتحدة الأميركية وقطر، هدفه الأساسي تشجيع الأطراف على التوصل إلى اتفاق، مشيرا إلى أن الاحتلال ارتكب عدة حماقات في الأيام الماضية لأنه لا يريد نجاح التهدئة التي دعا إليها كل الأطراف، ومصر تدرك ذلك جيدا، لكنها تحاول وضع الفرصة الأخيرة لإنقاذ الوضع بشكل عام.
وأكد أن الاحتلال الذي اغتال إسماعيل هنية ثم فجر مدرسة التبيان في مدينة غزة التي سقط فيها أكثر من 100 شهيد، يمارس كل الأساليب لإفشال التهدئة، ومع ذلك فإن مصر تحاول وقف الحرب لأنها السبيل الوحيد لوقف نزيف دماء الشعب الفلسطيني، ونأمل أن تنجح في ذلك.
وأوضح “الرقب” أن المفاوضات ليست مرتبطة بالأحداث الإقليمية، بل مرتبطة بالأحداث في غزة، لأننا حريصون على أن تؤدي كل هذه الجهود إلى وقف الحرب التي يدفع ثمنها الأبرياء في قطاع غزة، مؤكداً أن الرد الإيراني لن يؤثر على المفاوضات، وهناك أنباء أيضاً عن التوصل خلف الكواليس إلى صفقة حول رد إيراني محدود مقابل وقف الحرب على غزة والدخول في تسويات سياسية كبرى، وفي كل الأحوال الرد لن يؤثر على وضع الحرب في غزة لأنه يحتاج إلى وقف الحرب.
وأشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس إلى أنه غير متفائل بنجاح المفاوضات بأكثر من 50% لأن الأميركيين قلقون من عدم وجود صفقة أو هدنة حقيقية إلا قبل ثلاثين يوماً من الانتخابات الأميركية، وبالتالي قد يتم تأجيل الصفقة إلى سبتمبر أو أكتوبر، لأنه إذا تم تنفيذ المرحلة الأولى من التهدئة ستكون 42 يوماً وسيتم إطلاق سراح 33 أسيراً إسرائيلياً و1200 أسير فلسطيني، وسينسحب الاحتلال بترتيبات أمنية من معبر رفح، مع تأجيل الانسحاب من محور فيلادلفيا أو صلاح الدين.
وأكد “النك” أن نتنياهو يريد تنفيذ المرحلة الأولى فقط من التهدئة لأن المرحلة الثانية هي الأصعب وتتحدث عن وقف الحرب بشكل كامل وإطلاق سراح عدد كبير جدا من الفلسطينيين، وهو ما سيكون صعبا جدا على نتنياهو، لكن بايدن يضغط من أجل هدنة أو أي إنجاز يدعم الديمقراطيين خلال الانتخابات الأميركية.
لمطالعة المزيد: موقع السفير وللتواصل تابعنا علي فيسبوك الدبلوماسي اليوم و يوتيوب الدبلوماسي اليوم.