في فترته الرئاسية الأولى، شهدت المنطقة العديد من الخطوات التي عزّزت من هيمنة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها، فضلًا عن دعم مشروع ضم غور الأردن.
فلا تزال تداعيات تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن مستمرة، فرغم إعلان الدولتين عن موقفهما الرافض لخطط تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، سواء إلى الأردن أو إلى سيناء، إلا أن ترامب أعلن في وقت سابق من اليوم، أنه تحدث مع الرئيس المصري حول نقل الفلسطينيين من غزة، مشيراً إلى أنه لم يتراجع عن فكرة نقل الفلسطينيين خارج القطاع، بحسب ما نقلت عنه وكالات الأنباء ووسائل الإعلام.
وقد أثار هذا الأمر الكثير من التساؤلات في الشارع المصري والعربي، من أهمها مدى إمكانية تطبيق هذا المخطط على أرض الواقع، وموقف القانون الدولي من قضية التهجير.
هذه القرارات لم تقتصر فقط على استفزاز مشاعر الفلسطينيين، بل كانت بمثابة اعتداء صارخ على حقوقهم التاريخية فمسألة نقل السفارة الأميركية إلى القدس واعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، لم تكن مجرّد تغيير في السياسات الدبلوماسية، بل خطوة في اتجاه حق الفلسطينيين في مدينتهم المقدسة.
تلك القرارات ساهمت في تكريس الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وجعلت السلام والتسوية السياسية أكثر تعقيدًا؛ فقد أغلق هذا القرار أي أفق لحل عادل ينصف الفلسطينيين ويعيد لهم حقوقهم، بل وأدّى إلى تعميق الانقسام في المنطقة، وصعّد سياسة الاستقواء الإسرائيلية على الفلسطيني
إذا استمر ترامب في سياساته المعهودة، فإن تحقيق العدالة وتوفير حل سياسي عادل سيبدو أكثر صعوبة من أي وقت مضى، خاصّة أن الوضع السياسي العربي والإسلامي في تراجع وتباين، ما يسهّل على إسرائيل تنفيذ سياساتها التوسّعية على الأرض. وبذلك تصبح التحديات التي يواجهها الفلسطينيون في سبيل الحفاظ على حقوقهم التاريخية في القدس والضفة الغربية أكثر تعقيدًا وخطورة من أي وقت مضى.
أن سياسات ترامب لم تُقم أي مسار حقيقي للسلام في المنطقة، بل ساعدت على تأجيج الصراع، خصوصًا مع توقيع صفقات دعم الاستيطان الإسرائيلي. و فوز ترامب قد يُعتبر أرضًا خصبة لبيئة أكثر عدائية تجاه الشعب الفلسطيني، ما يؤدّي إلى مضاعفة الصراع وزيادة في العنف”.
في إسرائيل، يُعتبر فوز ترامب فرصة لمواصلة الهيمنة الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية، فقد رحّب العديد من القادة الإسرائيليين بسياسات ترامب، معتبرين أنّه “أفضل رئيس لإسرائيل”، وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” من أبرز المستفيدين من دعم ترامب، حيث وصف فوزه في الانتخابات الأخيرة بـ “أعظم عودة في التاريخ”.
هذا التصريح يعكس العلاقة الوثيقة بين الرجلين، وبين السياستين الإسرائيلية والأميركية، ويعبّر عن استبشار المسؤولين الإسرائيليين بفوز ترامب، حيث يتوقّعون المزيد من الدعم الأميركي لمشاريعهم الاستيطانية.
“نتنياهو” ليس وحده في هذا الرأي؛ فقد أعرب العديد من المسؤولين الإسرائيليين عن استبشارهم بفوز ترامب، معتبرين أن ذلك سيسمح لهم بتوسيع سيطرتهم على الأراضي الفلسطينية.
سياسات ترامب، التي تشمل دعم ضم غور الأردن والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، تفتح الطريق أمام مشاريع استيطانية جديدة في الضفة الغربية، وهو ما يعتبره العديد من المسؤولين الإسرائيليين خطوة هامة لتقوية الأمن الإسرائيلي وفرض واقع جديد.
من أبرز المشاريع التي دعمها ترامب مشروع ضم غور الأردن، الذي يعد من أكثر المناطق إستراتيجية في الضفة الغربية. هذا المشروع، الذي يعارضه المجتمع الدولي والفلسطينيون، يعتبر خطوة في طريق تكريس الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بشكل دائم.
وتشير التصريحات الإسرائيلية إلى أن ترامب قد قدّم لإسرائيل فرصة تاريخية لفرض السيادة على المزيد من الأراضي الفلسطينية؛ دون معارضة حقيقية من الولايات المتحدة