خبراء يطرحون السيناريوهات المحتملة بعد اغتيال هنية
أدخل اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان في مستنقع من الأزمات، بعد ساعات فقط من توليه منصبه، في ظل مطالب داخلية بالرد على ما اعتبر استهدافاً مهيناً لحليف خلال زيارته إلى طهران لحضور حفل تنصيبه.
«روز اليوسف» ترد.. من خلال محللين سياسيين وخبراء أمنيين على أبرز الأسئلة المثيرة حول اغتيال هنية والخرق الأمني وسيناريوهات الرد المحتملة، أعلنت حماس أمس اختيار يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي خلفاً لهنية.
إعادة جدولة نظام الأمان.
من جانبه، قال اللواء محمد رشاد نائب رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق وخبير الأمن الوطني لـ«روز اليوسف» إن قضية اختراق الأجهزة الأمنية ضربة قوية لإيران في ظل محاولاتها توسيع نفوذها الإقليمي، لذلك عليها مراجعة أنظمتها الأمنية، بعد إثارة الشكوك حول قوة الأمن الإيراني، لذلك ستعمل طهران الآن على إعادة جدولة منظومتها الاستخباراتية لتجنب أي اختراقات مستقبلية.
وعن ارتباط اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بمقتل الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي، يرى “رشاد” أن حوادث المروحيات في إيران تحدث بشكل مستمر، فهي ليست أعمال تخريبية بقدر ما هي فشل في عمليات الصيانة وتبديل قطع الغيار.
وعن إمكانية الرد، أوضح أن إيران يجب أن ترد لأن ما حصل هو جرح في كرامتها، لأنه هز نفوذها الإقليمي، ولكن يجب أن نفهم أن الرد الإيراني اليوم سيكون من خلال الأذرع الإيرانية، وحزب الله هو أحد الأذرع الأكثر خطورة على إسرائيل، انطلاقاً من أن الأهداف الإسرائيلية قريبة جداً من حزب الله، لذلك يجب على حزب الله أن ينتقم لإسماعيل هنية، لأن عدم الانتقام يعرض قيادات حزب الله للخطر.
وأشار نائب رئيس جهاز المخابرات العامة السابق إلى أنه نتيجة العمليات الأخيرة بدأت عملية الردع الإسرائيلية بالتآكل، حيث كانت أكبر دولة ردع في المنطقة، لكن الآن ومع ظهور الجيل الجديد من الصواريخ الإيرانية، أصبحت إيران قادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلي بسهولة.
اغتيال رائد
من جانبه، قال الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء سمير فرج، إن إيران مخترقة من الداخل منذ اغتيال العلماء النوويين الأربعة خلال 2010-2012، مشيراً إلى أن اغتيال إسماعيل هنية في طهران يفتح الأذهان على احتمال أن يكون سقوط مروحية الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي عملية اغتيال مخطط لها، خاصة في ظل سقوط الرئيس في منطقة جبلية صعبة رغم الاحتياطات المتخذة خلال رحلات الرئاسة ومواكبها، بالإضافة إلى سقوط طائرته دون الطائرات المرافقة له. وأكد فرج لـ«روز اليوسف» أن إيران هذه المرة مضطرة للرد بقوة لأنها وضعت في موقف محرج أمام شعبها بعد اغتيال «هنية»، مشيراً إلى أنه عندما اعترفت الولايات المتحدة باغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني عام 2020، ردت إيران بضرب قاعدة عين الأسد الأميركية في شمال سوريا، لكن الرئيس السابق دونالد ترامب فضحها للعالم بعد شهرين بقوله إن الرد الإيراني تم بالتنسيق مع الإدارة الأميركية لحفظ ماء الوجه، ما يعني أن الرد هذه المرة ربما لم يكن منسقاً مسبقاً. ولفت فرج إلى أنه من غير الممكن التنبؤ بمستقبل الأحداث، خاصة في ظل رغبة إسرائيل في توجيه ضربة استباقية لطهران، وسط تحذيرات أميركية قوية لنتنياهو لتهدئة الأمور. فهل يرد رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يسعى لإشعال الحرب؟ كما أن هناك ضغوطاً أميركية ومحاولات لتهدئة طهران ومنع رد قوي يمنع المنطقة من الانزلاق إلى حرب شاملة، موضحاً أن إيران تواجه تحدياً كبيراً وهو الحفاظ على برنامجها النووي، وبالتالي فإن دخولها في حرب كبيرة قد يؤدي إلى خسارة برنامجها النووي، إضافة إلى ضرورة الرد لاستعادة هيبتها، وبالتالي فإن الرد قد يكون مؤلماً ولكن ضمن قواعد الاشتباك، خاصة وأن نتنياهو يسعى لاستغلال الفرصة لتوريط طهران والمنطقة في حرب شاملة وليس وقف إطلاق النار في غزة.
استهداف المواقع العسكرية
أكد أستاذ العلاقات الدولية الدكتور حامد فارس أن هناك حتمية داخل إيران بأن يكون هناك رد فعل مؤلم تجاه إسرائيل، لكن الفارق الأساسي داخل دوائر صنع القرار في طهران يتعلق بقوة الرد وتأثيره وآلية تنفيذه، موضحاً أن دائرة صنع القرار الإيراني تبحث الآن القيام بعمليات نوعية مؤثرة جداً داخل إسرائيل، إضافة إلى أن الرد الإيراني سيكون متناسباً مع حجم انتهاك السيادة الإيرانية وإظهارها كدولة ضعيفة أمام شعبها والمجتمع الدولي.
وتوقع أن تستهدف طهران مواقع عسكرية، مشيرا إلى أنه يتم حاليا خلق قواعد اشتباك جديدة بين الطرفين بعد أن خرقت إسرائيل قواعد الاشتباك الأساسية حتى لا تدخل المنطقة في حرب إقليمية شاملة، موضحا أنه من الضروري خلق قواعد اشتباك جديدة بين الطرفين، لأنه إذا ردت إسرائيل بقوة على الرد الإيراني المتوقع فإن المنطقة ستتحول إلى منطقة صراع نفوذ دولي، مؤكدا أن إيران وإسرائيل غير مستعدتين للدخول في حرب شاملة، لكنها حرب ضرورة وحتمية الرد لحفظ ماء الوجه الإيراني.
روايات الاختراق
وأوضح أستاذ الدراسات الإيرانية الدكتور فكري سليم أن الروايات الاختراقية في اغتيال إسماعيل هنية متعددة، وهي أن إسرائيل هي القاتل الأول باستهدافه بصاروخ موجه أو طائرة مسيرة كما فعلت في قاعدة أصفهان العسكرية، أما الرواية الثانية فهي التي تحدثت عنها صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، حيث قالت إنه اغتيل بعبوة ناسفة وضعت داخل مقر إقامته لفترة طويلة في غرفته الخاصة، في بيت الضيافة الذي كان يقيم فيه في العاصمة طهران، وتمت العملية عن بعد، لكن الأجهزة الأمنية في إيران نفت هذه السيناريوهات.
وأضاف: السيناريو الثالث يأتي من الحرس الثوري الذي صرح أن هنية اغتيل بصاروخ قصير المدى برأس حربي يزن نحو 7 كيلوغرامات أطلق من مكان قريب من دار الضيافة، حيث وجهت إيران وحماس أصابع الاتهام إلى جيش الاحتلال الذي التزم الصمت وقرر عدم التعليق على الحادثة”، مؤكدا أن هذا الخرق ليس الأول من نوعه، وبرأيي لن يكون الأخير لأنه تكرر مرات عديدة من قبل دون أن تنجح إيران في صد هذه الهجمات أو حتى صد الثغرات الأمنية التي تم اختراقها.
هز الصورة الذهنية لإيران
وحلل الدكتور محمد محسن أبو النور اغتيال إسماعيل هنية في طهران والرد الإيراني المتوقع في عدة نقاط: “اغتيال أهم شخصية في المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل في إيران يؤثر على إيران أكثر بكثير مما يؤثر على حماس، لأنه يهز الصورة الذهنية لإيران بشدة أمام أنصارها ومناصريها في الداخل والخارج”. وأكد أن توقيت الاغتيال له دلالة مهمة في اليوم الأول من تولي الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان الرئاسة، وهو تطور يشير إلى رغبة إسرائيل في زرع الأشواك في طريق بزشكيان إلى أميركا وإبعاد الرجل الإصلاحي وفريقه عن البيت الأبيض كلما أمكن ذلك. إذا كان للزمان والمكان التأثير الأكبر على هذه العملية الإسرائيلية، ومن اتخذ هذا القرار في تل أبيب يعرف أن إيران لن تتسامح مع مثل هذا العمل ولا يمكنها أن تبقيه سراً أو تمر تحت أي ظرف من الظروف، لأن حماية الضيف أهم من حماية أصحاب البيت”. وأوضح أبو النور أن الرد الإيراني القسري سيعقّد بالتالي مسار المفاوضات الإيرانية الأميركية، خاصة وأن بيزيشكيان وضع هذه القضية كأولوية مركزية في برنامجه الانتخابي وفي ولايته الرئاسية التي ستنتهي عام 2028، كما سيجري مفاوضات لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة، مشيرا إلى أن أسلوب الاغتيال بصاروخ موجه إلى جسد هنية وهو في غرفة نومه يشير إلى وجود خرق أمني إلى أعمق نقطة في طهران، وأن هذا الانكشاف الأمني سيجبر إيران على فتح تحقيق على أعلى المستويات لإيجاد ثغرات استخباراتية ومعرفة من هو “إيلي كوهين” في مؤسسات الدولة، والذي سبق أن أعدم مسؤولا في الحرس الثوري لتعاونه مع إدارة ترامب في اغتيال قاسم سليماني.
وأكد أن الرد سيكون إيرانيا مباشرا، بالتزامن مع عمليات لحلفاء إيران في المنطقة، مشابهة للتجربة في أبريل/نيسان الماضي، وقد تلجأ إيران إلى سلسلة إجراءات، من بينها احتجاز السفن في مضيق هرمز أو اغتيال شخصيات بارزة في تل أبيب أو شخصيات إسرائيلية محددة في الخارج.
لمطالعة المزيد: موقع السفير وللتواصل تابعنا علي فيسبوك الدبلوماسي اليوم و يوتيوب الدبلوماسي اليوم.