منذ سنوات وهو يبني بيته، ومع كل لبنة يضعها على أرض البيت ليكمل بنائه، يرى حلمه يتحقق، ليجمع أفراد عائلته في مكان واحد يأويهم، دفع غالياً من أجل أن يكون لعائلته بيت من أربعة طوابق يعيش فيه هو وأبناؤه وأحفاده، كان هذا البيت يحمل الكثير من الذكريات للأب والأم والأبناء والأحفاد، لكن في لحظات تحول البيت إلى كومة ركام بسبب صواريخ الاحتلال خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
جمال إبراهيم، مواطن فلسطيني يبلغ من العمر 50 عاماً، يسكن في منطقة جباليا شمال قطاع غزة، كان من بين مئات الآلاف من الفلسطينيين النازحين الذين أصبحوا بلا مأوى بعد أن هدم الاحتلال منازلهم، إلا أن إصراره على العيش والبقاء في منزله وعدم قبول ضغوط الاحتلال لتهجيره، يظل منارة تدفعه إلى إزالة بعض الركام من المنزل والعيش بجواره مع عائلته، لإرسال رسالة قوية مفادها أن الفلسطينيين لن يكرروا سيناريو التهجير عام 1948 وأنهم سيبقون في منازلهم حتى لو تحولت إلى ركام.
أنقاض المنازل المدمرة في غزة
وقال جمال إبراهيم في تصريحات لـ”اليوم السابع”، إن منزله تعرض للقصف في بداية الحرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة أثناء اجتياح الاحتلال لشمال قطاع غزة، مضيفاً: “منزلنا المكون من أربعة طوابق في جباليا تعرض للحرق والقصف أثناء الاجتياح الإسرائيلي المتكرر للمنطقة”.
وأضاف جمال إبراهيم: “من الصعب على الإنسان أن يفقد منزله، فهو يحمل آمالاً وذكريات جميلة محيت بالكامل بفعل الحرق والقصف الذي تعرض له المنزل، ولا نستطيع أن نجد وصفاً لهذا الواقع المرير الذي نعيشه اليوم”، موضحاً أن الاحتلال مارس كافة أشكال الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في محاولة لتحقيق أهدافه كالتهجير والتشريد والسيطرة على الأرض، لكنه اليوم فشل أمام صمود الشعب وتمسكه بأرضه.
فلسطينيون يصلحون منازلهم
ويوضح الأب الفلسطيني أن الشعب الفلسطيني منذ بداية الحرب الدامية على غزة قدم كوكبة من الشهداء لأهلهم، ورفض الخروج من شمال قطاع غزة لأنها أرض الفلسطينيين الذين لن يقبلوا تكرار النكبة مرتين، متابعاً: “اليوم نؤكد للعالم الصامت عن جرائم الاحتلال النازي أننا لن نقبل مشاريع تصفية القضية الفلسطينية ولن نرحل بل متمسكون بحقوقنا في الحرية والعودة وتقرير المصير وهذا مكفول دولياً لشعبنا الفلسطيني”.
وحول دعوات الاحتلال المتكررة للفلسطينيين بالخروج من مناطقهم، يقول: “بخصوص دعوات الاحتلال للتهجير، نقول إنه لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة على الإطلاق، فهو يمارس الإشاعات والحرب النفسية ضد شعبنا، ويرتكب المجازر بحق المدنيين في كل مكان”.
وحول قراره بترميم منزله في غزة بعد هدمه من قبل الاحتلال، أضاف جمال إبراهيم: “الترميم غير ممكن في منزل مثل منزلنا، لأنه يحتاج إلى الهدم وإعادة البناء بسبب الحريق الشديد الذي أصاب المنزل، ولكن بسبب عدم وجود بديل قمنا بإزالة النفايات والأنقاض المتراكمة، مما سهل علينا العيش بداخله”.
منازل مدمرة في غزة
وعن رسالة الفلسطينيين بترميم منازلهم التي هدمها الاحتلال والعيش فيها من جديد، قال: “إن محاولة الفلسطيني ترميم منزله المدمر هي أعظم رسالة للعالم الذي يشاهد الإبادة والمعاناة ويقف متفرجاً على حياة المدنيين الذين يموتون يومياً ألف مرة، وعندما يرمّم الفلسطيني منزله فهو يرسل رسالة بأنه ثابت على أرضه ولن يغادرها مهما كانت التضحيات، وهذا الأمر فهمه الاحتلال والعالم أجمع، ونقولها مرة أخرى: “الشباب لا ينسى”.
لمطالعة المزيد: موقع السفير وللتواصل تابعنا علي فيسبوك الدبلوماسي اليوم و يوتيوب الدبلوماسي اليوم.