
ويشهد القطاع الصحي في قطاع غزة المحاصر انهياراً كبيراً، حيث خرجت معظم مستشفيات القطاع عن الخدمة بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 11 شهراً، ووصفت العديد من المنظمات الإنسانية الوضع الصحي في القطاع بالكارثي.
قالت منظمة أطباء بلا حدود إن مستشفيات قطاع غزة تفتقر لأدنى المقومات الأساسية، مشيرة إلى أن الطواقم الطبية في غزة تتعرض لضغوط كبيرة مع كل هجمة وسط منظومة صحية منهكة.
وقالت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها في يوليو/تموز: إن “قطاع الصحة في غزة يحتاج إلى 80 ألف لتر من الوقود يومياً، وآخر الإمدادات التي وصلت إلى القطاع كانت في نهاية يونيو/حزيران، ما بين 195 ألفاً و200 ألف لتر”.
مستشفى الشفاء يعود للعمل
منذ خمسة أشهر، خرج مجمع الشفاء الطبي عن الخدمة بعد قصفه من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في إبريل/نيسان الماضي، ما أدى إلى استشهاد المئات من النازحين والمرضى، وتدمير المستشفى وكل المباني المحيطة به. ونظراً للحاجة الملحة لاستمرار العمل في القطاع الصحي بغزة، عاد جزء من مجمع الشفاء الطبي للعمل، وسط الدمار الكبير، ليبدو المبنى الجديد لامعاً وناصع البياض، وسط كومة من الدمار الأسود الناجم عن عشرات المباني المحروقة والمهدمة.
وقال الدكتور جاد الله الشافعي مدير عام التمريض في مجمع الشفاء الطبي لوكالة سبوتنيك: “وجدنا أن العيادات الخارجية في مجمع الشفاء الطبي هي أفضل وأسرع مكان للعمل على الترميم بين المباني والساحات المدمرة، لكن الحاجة الملحة هي التي دفعتنا إلى توفير قسم طوارئ وحوادث في مجمع الشفاء، ويحتوي القسم الجديد على نحو 35 سريراً وغرفتي عمليات، ويمكننا البدء بالعمل فيهما خلال أسبوع، وقد وضعنا جداول للأطباء وطاقم التمريض والطاقم الإداري، وهناك نقص كبير في الأطباء والممرضين، لذلك يضطرون للعمل الإضافي في هذا القسم، بالإضافة إلى عملهم في مستشفيات أخرى”.
وأضاف: “بلغت تكلفة قسم الطوارئ الذي تم تجهيزه أكثر من ربع مليون دولار أميركي، بتبرعات من أهل الخير حول العالم، وبتنفيذ من منظمات محلية، وقد تم تجهيز هذا المكان بأجهزة ومعدات ومستلزمات طبية تم العثور عليها بين أنقاض المستشفى، وتم إنشاء ورش حدادة ونجارة لإصلاح هذه الأجهزة والأبواب والأسرة، وهذا يشكل تحدياً للتدمير والهدم”.
وأكد الشافعي أن إعادة افتتاح القسم جاءت نتيجة حاجة ملحة وهي عدم قدرة مستشفى المعمدان العربي والمستشفيات العاملة على استقبال الأعداد الكبيرة من الجرحى والمصابين، حيث تتحمل العبء لوحدها، ويعتبر قسم الطوارئ في مجمع الشفاء حالياً الأكبر في قطاع غزة، وتعمل وزارة الصحة بغزة على تنفيذ 20 مشروعاً لترميم المستشفيات التي دمرت.
وفي إحدى غرف الطوارئ في مجمع الشفاء يتابع الطفل أحمد صبري هذا التطور في القسم الجديد، ويأمل أن يتم توفير الوقود والمستلزمات الطبية بصورة مستمرة، وهو ما يشكل عائقاً أمام علاجه المستمر منذ فترة طويلة.
يقول الطفل أحمد: “أحتاج للكهرباء على مدار الساعة، بسبب حالتي الصحية الصعبة، فأنا بحاجة لأجهزة تنفس اصطناعي، وعندما أسأل عن العلاج يخبرني الأطباء أنه غير متوفر، وإذا توفر العلاج سأنجو بإذن الله، وحالتي الصحية تتحسن بسرعة، وحاليا أتحسن بصعوبة بسبب نقص المستلزمات الطبية وعدم توفر الأدوية، وهناك من فقد حياته بسبب نقص الوقود والكهرباء، لذا مع الترميم الذي يحدث يجب أن نعمل على توفير الوقود والكهرباء بشكل دائم”.
كان مجمع الشفاء الطبي أكبر مجمع طبي ومؤسسة صحية في قطاع غزة، وكان يضم ثلاثة مستشفيات متخصصة، ويعمل به 25% من العاملين في مستشفيات غزة، وقد تأسس عام 1946 في عهد الانتداب البريطاني.
كشفت منظمة الصحة العالمية، أن 17 مستشفى فقط في غزة تواصل تقديم خدماتها بشكل جزئي، من أصل 36 مستشفى في كامل القطاع المحاصر، في ظل استهداف إسرائيل المتعمد للمراكز الصحية والمستشفيات منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقال مايك رايان، مدير الطوارئ العالمية بمنظمة الصحة العالمية، إن “المستشفيات في غزة معرضة للخطر بسبب الأضرار المادية ونقص الوقود والإمدادات الطبية المحدودة ونقص الموظفين”.
وأضاف خلال مشاركته عبر الإنترنت في جلسة لمناقشة الوضع الصحي في قطاع غزة: “وثقت منظمة الصحة العالمية 1098 اعتداء على خدمات الرعاية الصحية في الأراضي الفلسطينية في الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، و22 أغسطس/آب 2024”.
تسببت في أزمة إنسانية كارثية، بحسب الأمم المتحدة. ففي اليوم 335، ارتفعت حصيلة القتلى منذ بدء الحرب على قطاع غزة إلى 40,861، غالبيتهم من النساء والأطفال، وأصيب 94,398 آخرون.
لمطالعة المزيد: موقع السفير وللتواصل تابعنا علي فيسبوك الدبلوماسي اليوم و يوتيوب الدبلوماسي اليوم.