قالت الملكة رانيا العبدالله، زوجة العاهل الأردني الملك عبد الله، إن المعايير المزدوجة الغربية فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة ساهمت في “فقدان الثقة في القواعد والمعايير الأخلاقية التي افترضنا منذ فترة طويلة أنها تحكم عالمنا”، وحثت المجتمع الدولي على دعم القانون الإنساني الدولي.
جاء ذلك خلال كلمة ألقتها الملكة رانيا اليوم السبت في الدورة الخمسين لمنتدى أمبروسيتي في تشيرنوبيو الإيطالية، بحضور عدد من صناع القرار والمثقفين والسياسيين والإعلاميين من إيطاليا والعالم.
وقالت الملكة رانيا العبدالله: “إن شعوب العالم تستحق نظاما عالميا يمكنها أن تثق فيه، خاليا من التعصب والثغرات الأخلاقية والنقاط العمياء”.
وأضافت خلال المنتدى الذي نظمته مؤسسة أمبروسيتي، مؤسسة الفكر الرائدة في إيطاليا، أن “الأغلبية تنظر إلى حرب إسرائيل على غزة وترى معايير مزدوجة صارخة… أو ما هو أسوأ: التخلي الواضح عن أي معايير على الإطلاق”.
وأشارت إلى أن سكان غزة جميعهم تقريبا يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، والأطفال الفلسطينيون يتضورون جوعاً.. بسبب عرقلة إسرائيل للوصول إلى المساعدات الإنسانية.
كما سلطت الضوء على الخسائر الفادحة التي خلفتها هذه الحرب، وبتر أكبر مجموعة من الأطفال في التاريخ. وبحسب منظمة “أنقذوا الأطفال”، فإن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 20 ألف طفل فقدوا أو اعتقلوا أو دفنوا تحت الأنقاض أو في مقابر جماعية.
وتابعت زوجة العاهل الأردني قائلة: “لقد تعرض الفلسطينيون لعقود من الاحتلال الغاشم والإجرامي قبل السابع من أكتوبر، وللفلسطينيين الحق في العيش بسلام وأمان، ورغم ذلك ما زلنا واقفين”.
وتساءلت الملكة رانيا: هل يتوقع العالم أن يعيش أي شعب غربي حياة مماثلة تحت الاحتلال والعنف؟ مشيرة إلى أن هذا الظلم أصبح مقبولا ومبررا في عيون وآذان المجتمع الدولي في فلسطين. كما سألت: “هل يقول العالم إن أمن إسرائيل أهم من أمن أي دولة أخرى، وبالتالي لا يعتبر أي عمل محظورا في هذا الصدد؟”.
وأضافت الملكة رانيا أن “هذا الاستخفاف بالحياة الإنسانية (الفلسطينية) يجب أن يسمى باسمه: العنصرية ضد الفلسطينيين”، مؤكدة أن “هذا الفشل لا يمكن أن يستمر”.
وأكدت أن “المعايير المزدوجة تتجاوز النفاق، فهي غير إنسانية… إنها وحشية – وإذا لم يكن هذا عنصرية، فلا أعرف ما هو!”
وأشارت إلى أن التطبيق الانتقائي للقانون الدولي الإنساني وتجاهل المحاكم الدولية وقراراتها هو “حقبة جديدة من اختلال التوازن العالمي”.
وأضافت “لذلك يتعين علينا رفض المعايير المزدوجة، والمطالبة بالمساءلة، وإيجاد طريق مشترك للسلام، وخلق المستقبل الذي يستحقه الفلسطينيون والإسرائيليون… والذي نستحقه جميعا”.
وطرحت الملكة رانيا عدداً من المبادئ الأساسية التي لا تقبل الجدل والتي يمكن أن تمثل أساساً مشتركاً لسلام عادل ودائم وشامل. وأكدت على ضرورة سيادة القانون الدولي دون استثناء، وأن “السلام لا يمكن تحقيقه من خلال إجبار الطرف الأضعف على قبول شروط غير متكافئة. إن الفلسطينيين والإسرائيليين يتمتعون بحق متساو في الأمن وتقرير المصير”.
وأضافت أن “العدالة تتطلب المساءلة”، مشيرة إلى أن “عكس المساءلة هو الإفلات من العقاب، وأن الشعور بالحصانة لا ينشأ بين عشية وضحاها”، وأنه “في غياب المساءلة، يصبح الحديث عن القانون الدولي والعدالة وحقوق الإنسان مجرد خطاب فارغ”. وأكدت أن “الأمن الحقيقي ليس مكسبًا لطرف على حساب الطرف الآخر. فالسلام العادل يجعل الأمن متبادلاً”.
وقالت زوجة العاهل الأردني، بحسب بيان صادر عن مكتبها، إن “إسرائيل سعت على مدى عقود إلى ضمان سلامة مواطنيها من خلال حرمان الفلسطينيين من حقهم في ذلك”، مؤكدة أن هذا المسار غير قابل للاستمرار، لأن انعدام الأمن لأي من الجانبين لا يخدم الآخر.
وأكدت على ضرورة منع الأصوات المتطرفة من المشاركة في الحوار، وقالت: “لا يمكن أن يكون المستقبل رهينة لأولئك الذين يدعون إلى المجاعة والإبادة الجماعية والنزوح الجماعي… الذين يشيدون بالعقاب الجماعي ويدافعون عن ما لا يمكن تبريره”.
ومن بين المشاركين في منتدى هذا العام رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل.
لمطالعة المزيد: موقع السفير وللتواصل تابعنا علي فيسبوك الدبلوماسي اليوم و يوتيوب الدبلوماسي اليوم.