قالت صحيفة واشنطن بوست، اليوم السبت، إن إسرائيل تخاطر بردود أفعال أكثر خطورة، بما في ذلك اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق، بسبب هجماتها العنيفة والدموية في لبنان الأخيرة.
وأوضحت الصحيفة في تقرير إخباري نقله مراسلوها أن حزب الله اللبناني أعلن في وقت سابق مقتل أحد قادته البارزين إبراهيم عقيل وآخرين في غارة إسرائيلية توجت أسبوعا داميا من الهجمات في أنحاء لبنان وسط مخاوف من اندلاع حرب أوسع.
وأعلنت إسرائيل أيضا في بيان عن مقتل عقيل، حيث جاء الاغتيال في ختام أسبوع من الهجمات في مختلف أنحاء لبنان والتي استهدفت القدرات العسكرية التقليدية للحزب، فضلا عن معنوياته، وضرب شخصيات قيادية في مناطق مزدحمة بالعاصمة، وقتل وتشويه أعضاء كبار من خلال تجهيز أجهزة النداء والاتصالات اللاسلكية بالمتفجرات.
بالنسبة لإسرائيل، التي لا تزال قواتها تعمل في غزة، فإن هذه التحركات تشكل مقامرة على حبل مشدود: فهي تريد قص أجنحة حزب الله حتى يتمكن النازحون الإسرائيليون من العودة إلى ديارهم في الشمال، ولكنها تخاطر أيضاً بعواقب أكثر خطورة، بما في ذلك إمكانية اندلاع حرب إقليمية.
ونقلت الصحيفة عن منسقة الأمم المتحدة الخاصة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت قولها، أمس الجمعة: “إننا نشهد حلقة خطيرة من العنف لها عواقب مدمرة”، فيما قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي في البيت الأبيض في إفادة للصحفيين: “ما زلنا نعتقد أن هناك وقتا ومساحة للتوصل إلى حل دبلوماسي”.
على مدى أشهر، حاول البيت الأبيض التوسط في اتفاق بين إسرائيل وحزب الله من شأنه أن يجلب الهدوء إلى الحدود الإسرائيلية اللبنانية، حيث تبادل الجانبان إطلاق النار لمدة 11 شهراً، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف في كلا البلدين. لكن حزب الله قال إنه يرفض التفاوض طالما استمرت إسرائيل في قصف غزة، حيث قُتل أكثر من 41 ألف شخص.
في لبنان هذا الأسبوع، بدا الأمر وكأنه حرب بالفعل، كما قال السكان، حيث بدأ إراقة الدماء يوم الثلاثاء عندما انفجرت آلاف أجهزة النداء التي يحملها أعضاء حزب الله في وقت واحد، مما أدى إلى إرسال تدفقات من الجرحى إلى المستشفيات في جميع أنحاء البلاد. في اليوم التالي، انفجرت أجهزة الاتصال اللاسلكية وغيرها من معدات الاتصالات التابعة للحزب، بما في ذلك في جنازة مزدحمة في بيروت للأشخاص الذين قتلوا في اليوم السابق.
وفي المجمل، أسفرت الهجمات عن مقتل 37 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 3000 آخرين، بما في ذلك أعضاء حزب الله وغير المقاتلين على حد سواء، وفقا لوزارة الصحة اللبنانية، التي قالت إن العاملين في المجال الطبي والأطفال كانوا من بين الضحايا. وقال الأطباء إن الناس أصيبوا بجروح في أيديهم وأعينهم وبطونهم عندما انفجرت الأجهزة.
وذكرت الصحيفة أن مسؤولين أميركيين أقروا بأن إسرائيل كانت وراء العملية، لكنهم قالوا إن الإسرائيليين لم يبلغوا الولايات المتحدة بالتفاصيل قبل الهجوم. وبدلاً من ذلك، ووفقاً لمسؤولين أميركيين تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة مسألة حساسة، أبلغت إسرائيل واشنطن بعد ذلك من خلال قنوات استخباراتية.
وبحسب الصحيفة، لم يتضح بعد كيف شنت إسرائيل الهجمات، حيث قامت باختراق آلاف أجهزة الاتصالات وفجرتها في وقت واحد، وهي العملية التي وصفتها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الجمعة، بأنها “تطور جديد في الحرب”.
وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك في اجتماع لمجلس الأمن الدولي: “أصبحت أدوات الاتصال بمثابة أسلحة تنفجر في وقت واحد عبر الأسواق، وفي زوايا الشوارع، وفي المنازل مع تطور الحياة اليومية، مما يؤدي إلى انتشار الخوف والذعر والإرهاب بين الناس في لبنان”.
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن الضغوط الإسرائيلية الأخيرة على حزب الله هي محاولة لإجباره على التراجع عن الهجمات المرتبطة بالحرب في غزة، وكذلك لتفكيك قدراته في حال حدوث المزيد من التصعيد.
ولكن الخبراء يقولون إن احتمالات الخطأ في التقدير حاضرة على الدوام، حيث تعهد حزب الله بالرد. وفي حين تحتفظ الولايات المتحدة بنفوذ كبير على إسرائيل في هيئة عمليات نقل الأسلحة المستمرة، فإن قبضتها على الأزمة تبدو أضعف من أي وقت مضى، حسبما ذكرت الصحيفة.
وفي جنوب لبنان، نزح نحو 110 آلاف شخص بسبب القتال، الذي أسفر عن مقتل 114 مدنيا وغير مقاتل، وفقا لإحصاء صحيفة واشنطن بوست، التي اختتمت تقريرها نقلا عن كلمات ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يوم الجمعة: “المنطقة على شفا كارثة”.
لمطالعة المزيد: موقع السفير وللتواصل تابعنا علي فيسبوك الدبلوماسي اليوم و يوتيوب الدبلوماسي اليوم.