"نيويورك تايمز" ترصد حياة النازحين اللبنانيين في المدارس والملاهي الليلية بعد القصف
<p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا، اليوم الاثنين، عن الأماكن التي يحتمي فيها النازحون اللبنانيون هربا من القصف الإسرائيلي.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"> </p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وبدأت الصحيفة التقرير بوصف الجو العام في أحد الفنادق الشهيرة في طرابلس "كواليتي إن"، حيث تكتظ ساحة الانتظار بالسيارات والعائلات. وتملأ صيحات الأطفال الهواء، فتذكّر البعض أحلى الأوقات، عندما كان الفندق يستضيف حفلات الزفاف وأعياد الميلاد.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"> </p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>لكن الآن بحسب الصحيفة، أصبحت السيارات في الساحة مغبرة ومتضررة، وتجلس بجانبها العائلات على الأرض، ووجوه أفرادها متعبة من القلق، وبينما يلعب الأطفال في حوض سباحة مفرغ. وذلك لأن فندق "كواليتي إن" تحول إلى واحد من أكبر الملاجئ في طرابلس للنازحين اللبنانيين الفارين من القصف الإسرائيلي في جنوب البلاد.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"> </p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>بدوره، قال أحد النازحين ويدعى حسن العكر (54 عاما): "أنا محظوظ. أنا مع عائلتي بأكملها، ونريد فقط أن تنتهي هذه الحرب حتى نتمكن من العودة إلى ديارنا".</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"> </p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>ورأت الصحيفة نبرة نادرة من التفاؤل في صوت "حسن" على الرغم من أنه ليس لديه أي فكرة عما إذا كان منزله بالقرب من مدينة صور الساحلية الجنوبية سيظل قائما عندما يعود أخيرا إلى منزله.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"> </p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>ونوهت الصحيفة بأن النازحين في لبنان ينتشرون في كل مكان تقريباً. ففي بيروت العاصمة، حيث يقيم كثيرون، أقاموا خياماً مؤقتة على الكورنيش على شاطئ البحر، وصنعوا ملاجئ من أعمدة معدنية ضالة وقطع من المظلات والبطانيات.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"> </p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وفي حدائق المدينة وساحاتها، وضعت بعض الأسر أغطية للأرضيات، وثبتتها بصناديق من الماء وبطانيات مطوية، فيما لجأ آخرون إلى أي مكان يستطيعون البقاء فيه، وخاصة في المدارس وكذلك في المباني غير المكتملة.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"> </p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>من جانبه، قال إيفو فرايسن ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان في مقابلة إن الحكومة اللبنانية أرجأت بدء العام الدراسي وخصصت ألف مدرسة كملاجئ. والفنادق السياحية ـ التي يوجد الكثير منها في لبنان الذي كان مقصداً رئيسياً للأجانب حتى اندلاع الحرب ـ تمتلئ بالأسر النازحة القادرة على تحمل تكاليف الإقامة فيها.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><ul><li dir="RTL"><span><span><span><span><span><b><span lang="AR-EG"><span><span><span style="color:red">نزوح سريع</span></span></span></span></b></span></span></span></span></span></li></ul><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>حسب الأمم المتحدة والسلطات اللبنانية، من بين سكان يبلغ عددهم نحو ستة ملايين نسمة، بما في ذلك نحو مليوني لاجئ سوري، أجبر أكثر من مليون شخص على النزوح من منازلهم بسبب القصف. حتى أكثر العاملين في المجال الإنساني خبرة يقولون إنهم فوجئوا بشدة الهجمات والسرعة التي فر بها الناس.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>أوضح فرايسن، الذي عمل في بلدان مزقتها الحرب لمدة 30 عامًا: "على الرغم من أننا خططنا لاحتمال نزوح أعداد كبيرة من الناس، إلا أن السرعة التي تطورت بها الأمور – نزوح أكثر من مليون شخص في أسبوع واحد – كانت مفاجأة"، مضيفا أنه في موقف سريع الحركة مثل هذا، فإن الأموال والإمدادات المتاحة أقل بكثير من تلبية احتياجات الناس.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأنه حتى الأسبوع الماضي، نزح ما يقرب من 700 ألف شخص في لبنان منذ أكتوبر الماضي ــ معظمهم في الأسابيع الأخيرة ــ وأن نحو 186 ألف شخص فقط وجدوا أماكن في ملاجئ جماعية. ويقيم آخرون مع أفراد أسرهم أو في شقق أو فنادق مستأجرة، وفقا للحكومة اللبنانية ومنظمات الإغاثة.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>بالإضافة إلى ذلك، غادر ما يقرب من 400 ألف لبناني وسوري البلاد في الأسابيع الأخيرة، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، وأكثر من نصف هؤلاء، حوالي 276 ألف شخص، عبروا إلى سوريا، اعتباراً من الأسبوع الماضي، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين؛ ومن بين هؤلاء، حوالي 70 في المائة سوريون وحوالي الثلث لبنانيون.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><ul><li dir="RTL"><span><span><span><span><span><b><span lang="AR-EG"><span><span><span style="color:red">المساعدة تتجاوز الانقسامات</span></span></span></span></b></span></span></span></span></span></li></ul><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وأوضحت "نيويورك تايمز" أنه رغم التاريخ الطويل للتوتر الطائفي في لبنان، والذي تحول إلى حرب أهلية في سبعينيات القرن العشرين واستمر لمدة خمسة عشر عاماً، فقد هرع المتطوعون من كل الخلفيات في مختلف أنحاء البلاد للمساعدة. وفي أحد أروع النوادي الليلية في بيروت، تبرع أصحاب سكاي بار بالمبنى الضخم الذي لا نوافذ له في الغالب للأسر النازحة ونظموا أعداداً كبيرة من المتطوعين للمساعدة. وأصبحت حاناته العديدة خطوطاً فاصلة بين الأسر وأماكن لتكديس البطانيات والأواني والملابس؛ كما تم تقسيم حلبة الرقص فيه بواسطة أكوام من المراتب.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>ولفتت الصحيفة إلى تحول حدائق بيروت وساحاتها إلى مطابخ خارجية يبذل فيها المتطوعون المحليون جهودا استثنائية لإعداد الطعام للنازحين.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وأبرزت دور كشافة حزب الله، في أحد مطابخ حديقة كبيرة أمام مدرسة عاملة تحولت إلى مأوى، في إعداد ستة آلاف وجبة كل يوم، موضحة أنهم يطهون الطعام في أربعة أو خمسة مراجل ـ واحدة للبطاطس، وأخرى للباذنجان، أو للأسماك أو الدجاج، وذلك حسب اليوم. </span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>ويجلس العشرات من المتطوعين، أغلبهم من الشابات، على طاولات طويلة، ويحولون الطعام الطازج إلى شطائر، ويلفونها بالورق، ويرصونها على صواني ويسلمونها إلى متطوعين آخرين لتوزيعها.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>ورغم كل هذه الجهود، فإن الأعداد الهائلة من النازحين تطغى على هذه الموارد، كما تقول المنظمات الإنسانية. وإذا استمرت الحرب حتى الشتاء، فلا أحد يعرف ما إذا كان الجهد التطوعي يمكن أن يستمر أو ما إذا كانت الحكومة اللبنانية ـ التي تعاني بالفعل من خمس سنوات من كارثة اقتصادية ـ سوف تعاني من نقص الأموال، أو ما إذا كانت قادرة على توفير حتى الضروريات الأساسية للنازحين.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وشددت الصحيفة على أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو قصف مكان جديد كل يوم تقريبا، ما يؤدي إلى فرار المزيد من الناس.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وقال خوان جابرييل ويلز، مدير اللجنة الدولية للإنقاذ في البلاد: "إن ما نراه الآن هو هذا العدد الهائل من الناس الذين يصلون دون شبكة دعم أو عائلة ممتدة يمكنهم الإقامة معها أو أموال لاستئجار مكان للإقامة في فندق. ثم ينتقل البعض منهم للمرة الثانية أو الثالثة لأن الأماكن التي ذهبوا إليها أولاً لم تعد آمنة".</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وأشار كل من ويلز وفرايسن من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن القصف الأخير لمنطقة البقاع في لبنان كان مثيرا للقلق ليس فقط لأنه أجبر المزيد من الناس على النزوح، ولكن أيضا لأنها منطقة زراعية غنية تغذي جزءا كبيرا من البلاد.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>ورأت الصحيفة أن أحد أكبر المخاوف هو التحول السريع والهائل للشيعة من الضاحية الجنوبية لبيروت ومن جنوب لبنان إلى المجتمعات السنية والمسيحية في وسط وشمال البلاد. ولقد شهد لبنان على مدى السنوات الخمسين الماضية صراعاً طائفياً دامياً بين الشيعة والسنة والمسيحيين، ويخشى كثيرون أن يؤدي اقتلاع قطاعات كبيرة من السكان إلى خلق احتكاكات خطيرة.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>ولكن حتى الآن لم يحدث هذا. وبدلاً من ذلك، تطوع الناس من مختلف الخلفيات لاستيعاب النازحين، ولا سيما في طرابلس، ثاني أكبر مدينة في البلاد، على حد قول عمدة المدينة.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وقال رئيس البلدية رياض يمق: "طرابلس مدينة ذات أغلبية سنية، وعندما كان حزب الله يحكمها كانت هناك حالة من التوتر. لكن نزوح الناس بسبب اليأس أمر مختلف تماما. إنهم لبنانيون مثلنا، وقد رحبت بهم البلدية بأذرع مفتوحة".</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وأضاف أنه خلال الأسبوعين الماضيين فقط، وصل نحو 13 ألف نازح لبناني، معظمهم من الشيعة، إلى وسط المدينة، في حين انتهى الأمر بنحو 35 ألف شخص آخرين في بلدات في الريف المحيط.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وعادت الصحيفة إلى فندق "كواليتي إن" حيث لجأ نحو 750 في طرابلس، ويقوم المتطوعون بكل ما في وسعهم لجعلهم يشعرون وكأنهم في وطنهم ـ تنظيم خزانة ملابس؛ وتزويد الأمهات بالحفاضات التي تستخدم لمرة واحدة، وصابون الغسيل، وحليب الأطفال؛ وتوفير المياه ووجبتين يومياً بمساعدة برنامج الغذاء العالمي وغيره من المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة. </span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وأوضحت جنان ممباييد سكاف، وهي عاملة اجتماعية، إن المتطوعين بدأوا في إنشاء صيدلية مجانية ويأملون في إنشاء عيادة متنقلة.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><ul><li dir="RTL"><span><span><span><span><span><b><span lang="AR-EG"><span><span><span style="color:red">"كان بيتي مثل مملكة صغيرة"</span></span></span></span></b></span></span></span></span></span></li></ul><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>واعتبرت الصحيفة أنه ليس الجميع محظوظين نسبيا في العثور على مكان مثل الفندق. ومن بين الأقل حظا خمسة أفراد من عائلة العلي، الذين انتهى بهم المطاف في مبنى مدرسة مظلم متهالك على بعد أميال قليلة، وكان مدير المدرسة والمتطوعون يكافحون لجعله مكانا مبهجا.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وقال رب عائلة العلي "محمد العلي" إن العائلة بدأت تسمع انفجارات بعيدة منذ عام، عندما بدأ حزب الله وإسرائيل في تبادل إطلاق النار بعد الهجمات التي قادتها حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، والتي قالت السلطات الإسرائيلية إنها أسفرت عن مقتل نحو 1200 شخص. ولكن في قريتهم الصغيرة عين قانا الواقعة على التلال الساحلية في جنوب لبنان، بدت الحرب بعيدة.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>ولكن هذا تغير في سبتمبر، عندما بدأت الطائرات الإسرائيلية قصف النبطية، أقرب مدينة كبيرة. وتوسلت أمينة العلي، 40 عاماً، إلى زوجها أن يأخذهم بعيداً ـ طفليهما اللذين في سن الدراسة الجامعية وابنهما الأصغر حسين، الذي يعاني من مرض التوحد وكان مرعوباً من الانفجارات. ولكن السيد العلي، يعمل نجارا، كان قد انتهى للتو من بناء منزل الأسرة وكان متردداً في المغادرة.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>عبر العلي عن مشاعره قائلا وعينيه مليئة بالدموع: "لقد بنيته بيدي، غرفة بغرفة. لم يتبق لي سوى طلائه. لقد اخترت اللون البيج للجدران واللون البني للزخارف".</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>لكن بعد ذلك أرسلت القوات الإسرائيلية أمراً بالإخلاء الفوري. ولم يضيع أفراد عائلة العلي الوقت حتى في إغلاق النوافذ والأبواب، بل انضموا إلى عشرات الآلاف من العائلات الأخرى الهاربة من جنوب لبنان إلى بيروت على الطرق المزدحمة بالسيارات.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وفي الوقت الراهن، لا يملك السيد العلي سوى الاعتماد على ذكرياته، على حد وصف الصحيفة.</span></span></span></span></span></span></span></span></p><p dir="RTL"><span><span><span><span><span><span lang="AR-EG"><span><span>وتحسر العلي قائلا: "كان منزلي أشبه بمملكة صغيرة. كنا نزرع العنب والليمون والزيتون. نريد أن تتوقف هذه الحرب وأن نعود إلى الريف وإلى بيوتنا ونمارس حياتنا بشكل طبيعي وهادئ حتى يتمكن ابني وابنتي من العودة إلى الجامعة.. لا نريد سوى هذا".</span></span></span></span></span></span></span></span></p>
لمطالعة المزيد: موقع السفير وللتواصل تابعنا علي فيسبوك الدبلوماسي اليوم و يوتيوب الدبلوماسي اليوم.