“نحن نعيش في ألم مزدوج.” بهذه العبارة وصف الصحافي اللبناني إبراهيم فتفت ما يعيشه الصحافيون والإعلاميون اللبنانيون في ظل ظروف الحرب الإسرائيلية التي تشنها قوات الاحتلال الغاشم على لبنان.
وأضاف فتفت لـ«اليوم السابع»: أقول إنه ألم مضاعف لأنه من ناحية يجب على الصحفي والإعلامي أن ينقل المعلومة والصورة إلى القراء والمشاهدين من أقرب مكان إليها، مع الالتزام بالإرشادات. أعلى معايير المصداقية، ومن ناحية أخرى يجب على الصحفي أن يفصل المشاعر عن العمل لينقل الأخبار بموضوعية، لذلك يجب أن ننقلها. واقع الإنسان دون أن يشاركه مشاعره.
وشدد على أن الصحافي أو الإعلامي يجب أن “ينعزل عن أي مشاعر قد تؤثر على أداء رسالته، أي مشاعر الحزن على الشعب الذي فقده لبنان، وأيضاً الخوف الذي يحيط بنا في كل مكان، إضافة إلى القلق على شعبنا”. العائلات حيث نقضي ساعات طويلة وأحيانًا أيامًا.” وباستمرار الابتعاد عنهم، قد يلقون مصيرهم في إحدى الغارات التي يشنها جيش الاحتلال بشكل عشوائي، والتي لم تعد تستثني منازل المدنيين. وبينما ننقل مشاهد العدوان القاسية، قد يستشهد أي فرد من أفراد عائلتنا، لكن لا بد من أداء واجبنا تجاه وطننا أولاً وتجاه المؤسسات التي نعمل فيها ثانياً. يجعلنا لا خيار أمامنا سوى التحرر من الخوف والقلق والتحيز، واستبدالها بالموضوعية والتركيز الكامل على ما ننقله من الواقع بدقة تامة تنقل المشاهد والقارئ إلى ساحة المعركة، كأي خبر يحتوي على الشك قد يؤدي إلى كارثة.”
وتابع: «لذلك فإن المسؤولية جسيمة، وعلينا أن نحافظ على هدوئنا وأن نستبدل الاضطراب والقلق بمشاعر الثبات والثقة بالنفس اللازمة لأداء العمل على أفضل وجه، رغم الأصوات المرعبة التي تصاحب عملنا.
ويتابع فتفت أن العمل في المجالات الحربية صعب للغاية من جوانب عديدة، وتكون المهمة أصعب عند تغطية حرب في بلدك ووطنك. لكني شخصيا أبذل دائما جهدا لضمان الموضوعية في نقل الأخبار، وأنا على قناعة تامة بأن الأخبار الممزوجة بالعواطف تصل إلى شريحة أصغر من الجمهور. المشاهد يريد أن يعرف الحقيقة.
وعن التحديات التي يواجهها الصحفي أو المراسل في ميدان الحرب في لبنان، قال فتفت إن الصحفي يتحمل مسؤولية حماية نفسه، لذا يجب أن يكون مؤهلا لهذه المسؤولية، وعليه الالتزام بمعدات الحماية الأولية مثل الدرع والدرع. خوذة، بالإضافة إلى وسائل الاتصال البديلة في حال انقطاع الوسائل المتاحة، وتأمين وسائل النقل المناسبة. .
وعن استهداف مقر الصحافيين في حاصبيا الشهر الماضي، قال فتفت إن الخبر أصابنا كالصاعقة. لم أكن هناك في ذلك الوقت، لكن خبر استهداف المقر الذي يتواجد فيه زملائنا أصابنا بالرعب. خوفاً من فقدان زميل، ورغم أننا اعتدنا على المآسي، إلا أن فقدان الأحبة والأصدقاء هو شعور قاسٍ لا يوصف. وأسأل الله أن لا ينجو منه الجميع.
لقد مر لبنان بتجارب مؤلمة سابقة؛ لكن لهذه التجربة وقعا خاصا وأكثر مرارة، إذ أن حجم الدمار البشري الذي خلفته الهجمات الإسرائيلية يفوق ما سبقتها. وبلغ عدد الاعتداءات الإسرائيلية منذ بداية العدوان 12475 هجمة، وبلغت حصيلة الشهداء والجرحى 3137 شهيداً و14016 جريحاً، بحسب وزارة الصحة اللبنانية، ولأن حب الوطن يجدد الطاقة في داخلنا . نصبح أكثر مرونة وثقة بالنفس أثناء التغطية، على الرغم من حجم المعاناة التي نراها.
بالإضافة إلى مهمة طمأنة العائلة وإزالة الخوف عنهم، فمع كل غارة إسرائيلية، تتدفق الرسائل والمكالمات الهاتفية من عائلتي، وهم مرعوبون على حياتي، وهنا يجب أن أطمئنهم وأبعدهم عن صوتي كل نغمات القلق والارتعاش التي فرضتها الظروف الميدانية، خاصة في زمن القصف والغارات الجوية. في كثير من الأحيان أضطر إلى الكذب حتى لا أقول إنني في مكان خطير، ويفاجئونني على الهواء مباشرة من منطقة الاشتباك.
لمطالعة المزيد: موقع السفير وللتواصل تابعنا علي فيسبوك الدبلوماسي اليوم و يوتيوب الدبلوماسي اليوم.