السفيرة هيفاء أبوغزالة في اليوم العالمي للغه العربيه لابد من الاستفادة من التقنيات الحديثة في تطوير اللغه العربيه
كتب رفعت عبد السميع
يوافق اليوم الثامن عشر من ديسمبر هو يوم الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية وفي كلمتها في الاحتفالية التي أقيمت بهذه المناسبة قالت السفيرة الدكتورة هيفاء أبوغزالة الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية قالت
إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بكم اليوم في فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية الذي يوافق 18 ديسمبر من كل سنة بموجب القرار رقم 3190 للجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 18 كانون الأول/ ديسمبر عام 1973، والذي اعتمد اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة،
واسمحوا لي أن أنقل لكم تحيات معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية ، متمنيا لهذا اليوم كل النجاح والتوفيق ،
تعد العربية من أقدم اللغات السامية، وأكثر لغات المجموعة السامية من حيث عدد المتحدثين، وإحدى أكثر اللغات انتشارًا في العالم، يتحدث بها أكثر من 422 مليون نسمة في الوطن العربي فقط، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى في العالم، وهي من بين اللغات الأربع الأكثر استخدامًا في الإنترنت، وهي كذلك من أكثر اللغات انتشارًا ونموًا متفوقةً على اللغة الفرنسية والروسية.
اللغة العربية ذات أهمية كبيرة لدى المسلمين، فهي لغة القرآن الكريم ، وهي أيضا لغة شعائرية رئيسية في عدد من دور العبادة المسيحية في الوطن العربي، وهي تكتسب أهميةً كبيرةً في الثقافة والتراث والأدب العربي؛ جعلت منها أساس الحضارة العربية ، كما تعتبر اللغة العربية من الأغنى عالمياً من حيث الابداع والاشكال والمصطلحات والخطوط وكذلك المعاني، متضمنة مفردات لغوية قلما توجد في اللغات الأجنبية الأخرى، وبذلك أضافت اللغة العربية كثيراً للأدب والفنون والعلوم وأثرت على اللغات الأخرى، وأُخذت منها العديد من المصطلحات في بعض اللغات.
الحضور الكريم ؛؛؛
تتعرض لغتنا العربية للعديد من التحديات، سواء منها محاولات خارجية لطمس الهوية واللغة العربية من الأجيال الصاعدة، أو ما أحدثته المتغيرات الإقليمية والدولية التي نمر بها والتي ساعدت بعض المعاديين للعروبة والهوية العربية في التشكيك في الهوية والتاريخ والحضارات.
ومما لا يخفى علينا أن التحديات التي تواجه لغتنا العربية، أصبحت لا تنحصر في التحديات الخارجية فقط بل وباتت تلك التحديات تظهر من الداخل العربي، فأصبحت الأجيال الجديدة تستخدم اللغات الأخرى في حياتهم اليومية عوضاً عن لغتهم الأم، لأسباب مجتمعية، فرضتها عليهم الأفكار المغلوطة وتسببت الثنائية اللغوية في الوطن العربي في إحداث مشكلة في تعليم اللغة العربية، ومن المؤسف أن أصبحت لدينا شريحة من الأطفال لا تتحدث اللغة العربية، معتبرين اللغة الإنجليزية هي لغتهم الأساسية.
من هنا، فإن تمكين اللغة العربية، يتطلب الاهتمام بالأبحاث والأفكار والرؤى الجديدة، حول تطوير تعليم اللغة العربية وتعلمها ونهضتها. واستشراف معالم التحديات التي تواجه اللغة العربية، وتقديم المقترحات لها، وتبادل الخبرة في مجال تطوير تعليم اللغة العربية ، والاستفادة من البرمجيات والتقنيات الحديثة في تطوير تعليم اللغة العربية وتعلمها، وتحفيـز الباحثيـن علـى طـرح حلـول للمشـكلات التـي تواجـه تعليم اللغة العربية وتعلمها، ورؤى جديـدة للتعامل معها، عبر مجــالات علميــة وتطبيقيــة حديثة.
فلا مراء في أن اللغة العربية كونها اللغة القومية، تعد بحق أعظم كنز وأعظم وعاء لحفظ تراثنا القديم المشرف، ونحن في وثبتنا الحاضرة محتاجون إلى أن نزود الأجيال القادمة من هذا التراث؛ ولنتذكر جميعًا كيف نهضت اليابان بلغتها لا بلغة غيرها، وهي اليوم تقف على رأس قافلة الحضارة الإنسانية، فاللغة الام هي أهم عناصر الهوية.
وعلي الجانب الاخر، من الأهمية أيضاً مواكبة العصر الحديث، فليس من الحكمة أن نظل نواجه تحديات الحاضر بأدوات الماضي، فعلينا الجمع بين الأصالة والحداثة في التعامل مع التحديات المعاصرة، لاسيما في ظل التطورات التكنولوجية والانتشار السريع للمعلومات وسهولة إتاحتها. ولذلك فعلينا تطويع تكنولوجيا المعلومات والاعلام مع المنظومة التعليمية ككل، لتحقيق التكامل بينهم من أجل النهوض باللغة العربية واستخداماتها.
السيدات والسادة ؛؛
الحضور الكريم،
أولت جامعة الدول العربية، منذ إنشائها، مسألة النهوض باللغة العربية اهتماماً كبيراً؛ باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز الهوية الثقافية العربية، وهو ما أكدت عليه العديد من القمم العربية، وتبنت جامعة الدول العربية عدة مشاريع للنهوض باللغة العربية منها انشاء المعهد العالي للترجمة، ومشروع الذخيرة العربية كبنك معلومات للنصوص العربية في مختلف فروع المعرفة، ومكتب تنسيق التعريب، ومعهد الخرطوم الدولي للغة العربية وغير ذلك من المعاهد والمراكز، بالإضافة إلى تفعيل مشروع النهوض باللغة العربية، الصادر عن القمة العربية في دمشق بالجمهورية العربية السورية في 2008، والذي ساهم في تنفيذ توصياته جهات مختلفة تتبع الجامعة العربية مثل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وكذلك مشاريع تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، ومشاريع تبادل التراجم المختلفة مع بعض الدول والتكتلات الإقليمية والدولية.
وتعمل الأمانة العامة حالياً على تحديث استراتيجية النهوض باللغة العربية تحت شعار “التمكين للغة العربية: رمز هويتنا وأداة تنميتها” وخطتها التنفيذية، وذلك بناءً على قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم 2446 الصادر عن الدورة العادية رقم 114 بتاريخ 5/9/2024. تحت شعار” التمكين للغة العربية رمز هويتننا وأداة تنميتها” ، مواكبة للتغييرات العالمية والتحديات المستمرة التي تواجه اللغة والهوية العربية، وتتألف الاستراتيجية من أربعة محاور وهى ( العربية والتعليم، العربية والاعلام، العربية والتواصل، الحرف العربي) ، وستتخذ الأمانة العامة في خلال الفترة القادمة إجراءات تنفيذية للعمل على تحديث خطتها التنفيذية الملحقة بها وعقد اجتماعات مع المنظمات المعنية وذلك تمهيدا لاعتمادهما والاشراف عليهما بالتنسيق مع الدول الأعضاء.
كما صدر القرار رقم 2445 عن ذات المجلس لعام 2024 بشأن الترحيب بمبادرة تحدي القراءة العربي لمؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية لإطلاقها لهذه المبادرة المعرفية الثقافية الخلاقة، وتضمن أيضاً القرار حث الوزارات المعنية بالتعليم في الدول العربية على اعتماد مبادرة تحدي القراءة العربي، والنظر في تبنيها كمنهج تعليمي، والعمل على نشرها وتقديم الدعم لها ما أمكن ذلك.
وفي إطار إعداد جيل عربي منتمي لهويته وتراثه، وفي ضوء المبادرة الذي تقدم بها المجلس الدولي للغة العربية الموقر اتخذ مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في سبتمبر 2022 قراراً بشأن الموافقة على إطلاق مبادرة “شهر اللغة العربية” في الفترة من 21 فبراير إلى 22 مارس أذار من كل عام، شهر من العمل والتدريب وتقديم المبادرات والتكريم والمسابقات والاحتفالات باللغة العربية.
وفي هذا العام واعترافا من الأمانة العامة بأهمية اللغة العربية وفي ضوء مذكرة التفاهم بين الأمانة العامة والمجلس الدولي للغة العربية وبناءا على طلبه فقد تم ربط الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية بجامعة الدول العربية تقديرا لدورها ومكانتها في قيادة الجهود العربية والدولية في هذا المجال.
السيدات والسادة الافاضل،
وختاما، اسمحوا لي أن أتوجه بالشكر والتقدير لكل المشاركين، وكل من قدم جهداً لإنجاح هذا اليوم الهام، والشكر للمجلس الدولي للغة العربية لجهوده الرائدة في خدمة اللغة العربية ولكل من ساهم في تنظيم وتيسير أعمال الاحتفال للوصول إلى الأهداف المرجوة له، ولنتذكر ان “اليوم العالمي للغة العربية” يأتي هذا العام في خضم ظروف ومتغيرات إقليمية ودولية عصيبة تحيط بعالمنا العربي، فإن الانتهاكات الإسرائيلية في المنطقة وما تتعرض له فلسطين ولبنان وما تسعي اسرائيل الي تحقيقه بشكل غير قانوني مستفيدة من تطورات الاوضاع الداخلية في سوريا، يشكل تهديداً خطيراً لأمن وسلامة هذه الدول والمنطقة ككل.
ولطالما شهد التاريخ أن الاستعمار لا يسرق الأرض فحسب بل يحاول أيضاً سرقة تراثها والإرث الحضاري، الذي يمتد بجذوره في أعماق التاريخ. ولذا فعلينا العمل سوياً على المحافظة على تراثنا وثقافتنا ولغتنا ضد أي محاولات لطمسها، ومن أجل الحفاظ على الأمن الثقافي العربي ككل.