ببيانات امتدت لـ17 سنة.. دراسة دنماركية: التلوث والضوضاء يؤثران على معدلات العقم

أظهرت دراسة دنماركية حديثة أن التعرض الطويل الأمد لتلوث الهواء وضوضاء المرور قد يكون مرتبطًا بزيادة خطر العقم، لكن تأثير هذه العوامل يختلف بين الرجال والنساء.
ما هي تأثيرات التلوث والضوضاء على الجسم؟
وبحسب الدراسة، فإن عوادم السيارات تؤثر بلا شك على البيئة، كما أن آثارها السلبية على صحة الإنسان معروفة جيداً، وترتبط بالسرطان وأمراض القلب. ويمكن للمواد الكيميائية التي يتم استنشاقها من الهواء الملوث أن تنتقل عبر مجرى الدم إلى الجهاز التناسلي، مما يقلل من الخصوبة عن طريق تعطيل الهرمونات أو إتلاف البويضات والحيوانات المنوية بشكل مباشر. أما الآثار الصحية الناجمة عن ضوضاء المرور فهي أقل وضوحاً، على الرغم من وجود أبحاث تشير إلى تأثيرات على هرمونات التوتر، والتي يمكن أن تؤثر على الخصوبة.
ما الذي بحثته الدراسة؟
فعلتُ دراسة جديدة في الدنمارك، يتم جمع البيانات الخاصة بكل مقيم في قواعد بيانات وطنية متعددة طوال حياته باستخدام رقم تعريف فريد.
تسمح البيانات الوطنية للباحثين باستكشاف الروابط بين صحة الفرد وعوامل مثل مكان الإقامة والمهنة والتاريخ التعليمي والأسرة. يُطلق على هذا النهج “بيانات الارتباط”.
استهدفت الدراسة الأشخاص الذين من المرجح أن يحاولوا الحمل وكانوا معرضين لخطر تشخيص العقم. تم تحديد أكثر من 2 مليون رجل وامرأة في سن الإنجاب، ونظرت الدراسة إلى من هم:
تتراوح أعمارهم بين 30 و 45 عامًا.
العيش معًا أو الزواج
لديهم أقل من طفلين.
عاش في الدنمارك في الفترة من 1 يناير 2000 إلى 31 ديسمبر 2017.
استبعدت الدراسة أي شخص تم تشخيصه بالعقم قبل سن الثلاثين، أو يعيش بمفرده أو في شراكة مسجلة. كما تم استبعاد الأشخاص الذين لديهم معلومات غير كاملة (مثل العنوان المفقود).
وكان هناك 377,850 امرأة و526,056 رجلاً ينطبق عليهم هذه المعايير.
ولم تقم الدراسة باستطلاع رأيهم، بل قامت بدلاً من ذلك بمطابقة المعلومات التفصيلية حول مكان إقامتهم وما إذا كانوا قد تلقوا تشخيص العقم على مدى خمس سنوات، مع البيانات التي تم جمعها من السجل الوطني للمرضى الدنماركيين.
وقام الباحثون أيضًا بتقدير تعرض كل عنوان سكني لضوضاء المرور (مقاسة بالديسيبل) وتلوث الهواء، أو وجود الجسيمات الدقيقة (المعروفة باسم PM2.5) في الهواء.
ماذا وجد العلماء؟
تم تشخيص العقم لدى 16172 رجلاً (من أصل 526056) و22672 امرأة (من أصل 377850). ووجدت الدراسة أن خطر العقم كان أعلى بنسبة 24٪ لدى الرجال المعرضين لمستويات PM2.5، والتي تزيد بمقدار 1.6 مرة عن المستوى الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية.
بالنسبة للنساء، كان التعرض لضوضاء المرور بمقدار 10.2 ديسيبل فوق المتوسط (55-60 ديسيبل) مرتبطًا بزيادة خطر العقم بنسبة 14٪ لدى أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 35 عامًا.
وكانت المخاطر متشابهة على أساس الإقامة في المناطق الحضرية أو الريفية، وعند أخذ التعليم والدخل في الاعتبار.
اقرأ أيضًا: دراسة: فيروس الورم الحليمي البشري يهدد الرجال بالعقم
ماذا تشير الدراسة؟
تسلط الدراسة الضوء على كيفية تأثير التعرضات البيئية على الصحة الفورية والطويلة الأمد، وكيف يمكن أن تؤثر على التكاثر عند الذكور والإناث بشكل مختلف.
بعد البلوغ، ينتج الرجال الحيوانات المنوية بشكل مستمر – ما يصل إلى 300 مليون حيوان منوي يوميًا.
تميل التأثيرات البيئية على خصوبة الذكور، مثل التعرض للملوثات السامة، إلى الظهور بشكل أسرع منها لدى الإناث، مما يؤثر على عدد الحيوانات المنوية وجودتها.
وعلى النقيض من ذلك، تولد المرأة بكل بويضاتها ولا تتمكن من إنتاج بويضات جديدة.
تحتوي البيض على بعض آليات “التحكم في الضرر” لحمايتها من المخاطر البيئية طوال الحياة. هذا لا يعني أن البيض غير حساس للضرر، لكن الأمر قد يستغرق وقتًا أطول من فترة السنوات الخمس التي بحثتها الدراسة حتى تتضح التأثيرات على النساء.
وقد تكشف الدراسات طويلة الأمد عن تأثير مماثل للتلوث على النساء.
هل يعد الرسم البياني طريقة جيدة لدراسة الخصوبة؟
إن البيانات المرتبطة يمكن أن تكون أداة قوية لاكتشاف الروابط بين التعرضات البيئية والصحة. فهي تسمح بتقييم أعداد كبيرة من الناس، على مدى فترات طويلة، مثل هذه الدراسة الدنمركية الأخيرة. ولكن هناك قيود أساسية على هذا النوع من الدراسات. فبدون فحص الأفراد أو النظر في العوامل البيولوجية ــ مثل مستويات الهرمونات وكتلة الجسم ــ يعتمد البحث على افتراضات.
على سبيل المثال، افترضت هذه الدراسة بعض الافتراضات الكبرى حول ما إذا كان الأزواج يحاولون الحمل بالفعل. كما قدرت تعرض الأشخاص للضوضاء وتلوث الهواء بناءً على عنوانهم، على افتراض أنهم في المنزل. وقد يتم تقديم صورة أكثر دقة إذا تم تزويد الأفراد بمعلومات حول تعرضاتهم وتجاربهم، بما في ذلك مع الخصوبة. يمكن أن تتضمن المسوحات عوامل مثل اضطرابات النوم والإجهاد، والتي يمكن أن تغير الاستجابات الهرمونية وتؤثر على الخصوبة. توجد أيضًا مواد كيميائية تعطل الهرمونات في المنزل، وفي منتجات العناية الشخصية اليومية.
إن هذه الدراسة غير مسبوقة من حيث حجمها، وهي تشكل خطوة مفيدة في استكشاف الصلة المحتملة بين تلوث الهواء، وضوضاء المرور، والعقم. ولكن هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات الخاضعة للرقابة ــ تلك التي تتضمن قياسات التعرض الفعلية بدلاً من التقديرات ــ لتعميق فهمنا لكيفية تأثير هذه العوامل على الرجال والنساء.
نُشرت هذه المقالة استناداً إلى بيانات تمتد على مدى 17 عاماً.. دراسة دنماركية: التلوث والضوضاء يؤثران على معدلات العقم لأول مرة على موقع الوئام.
لمطالعة المزيد: موقع السفير وللتواصل تابعنا علي فيسبوك الدبلوماسي اليوم و يوتيوب الدبلوماسي اليوم.