كلمة سلطنة عُمان أمام لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان
الكلمة الافتتاحية لسلطنة عمان
يلقيها
سعادة الدكتور/يحيى بن ناصر الخصيبي
وكيل وزارة العدل والشؤون القانونية
رئيس وفد سلطنة عمان
أمام
لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان
لمناقشة تقرير سلطنة عمان الأول المقدم بموجب المادة (48) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
بِدَايَةً.. أَوَدُّ بِالنِّيَابَةِ عَنْ حُكُومَةِ سَلْطَنَةِ عُمَانَ أَنْ أَتَقَدَّمَ بِالشُّكْرِ وَالتَّقْدِيرِ إِلَى لَجْنَتِكُمْ الْمُوَقَّرَةِ وَكَافَّةِ الْمَعْنِيِّينَ بِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ عَلَى مُسْتَوَى جَامِعَةِ الدُّوَلِ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى الْجُهُودِ الَّتِي تَبْذُلُونَهَا فِي كُلِّ مَا مِنْ شَأْنِهِ تَعْزِيزُ وَحِمَايَةُ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ عَلَى الصَّعِيدِ الْعَرَبِيِّ، وَيُسْعِدُنِي أَنْ أَكُونَ مَعَكُمْ الْيَوْمَ لِمُنَاقَشَةِ تَقْرِيرِ سَلْطَنَةِ عُمَانَ الْأَوَّلِ الْمُقَدَّمِ وَفْقًا لِلْمَادَّةِ(48) مِنْ الْمِيثَاقِ الْعَرَبِيِّ لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ، وَالَّذِي بِلَا شَكٍّ يُمَثِّلُ فُرْصَةً مُوَاتِيَةً لِدَعْمِ جُهُودِ سَلْطَنَةِ عُمَانَ فِي مَجَالِ حِمَايَةِ حُقُوقِ اَلْإِنْسَانِ، وَتَعْزِيزِهَا وَإِبْرَازِ اَلتَّقَدُّمِ اَلَّذِي وَصَلَتْ إِلَيْهِ سَلْطَنَةُ عُمَانَ فِي تَعْزِيزِ وَحِمَايَةِ حُقُوقِ اَلْإِنْسَانِ، سَوَاءً أَكَانَ ذَلِكَ لِلْمُوَاطِنِينَ أَمْ لِلْمُقِيمِينَ عَلَى أَرْضِهَا.
لَقَدْ أَوْلَتْ سَلْطَنَةُ عُمَانَ بَالِغَ الْعِنَايَةِ وَالِاهْتِمَامِ لِهَذَا التَّقْرِيرِ، وَالَّذِي يُتِيحُ الْمَجَالَ لِمُرَاجَعَةِ وَتَقْيِيمِ وَتَطْوِيرِ تَشْرِيعَاتِهَا وَتَدَابِيرِهَا الْوَطَنِيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ، بُغْيَةَ مُوَاءَمَتِهَا مَعَ الْمَعَايِيرِ الْإِقْلِيمِيَّةِ وَالدَّوْلِيَّةِ، وَمِنْ مُنْطَلَقِ هَذِهِ الْقَنَاعَةِ، قَامَ مَجْلِسُ الْوُزَرَاءِ فِي سَلْطَنَةِ عُمَانَ بِتَشْكِيلِ فَرِيقٍ بِمُسْتَوَى وَكِيلِ وِزَارَةٍ يَتَوَلَّى إِعْدَادَ التَّقَارِيرِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمِيثَاقِ الْعَرَبِيِّ لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ، وَيَضُمُّ فِي عُضْوِيَّتِهِ عَدَدًا مِنْ الْجِهَاتِ الْحُكُومِيَّةِ إِلَى جَانِبِ اللَّجْنَةِ الْعُمَانِيَّةِ لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ، يَتَوَلَّى هَذَا الْفَرِيقُ مُتَابَعَةَ تَنْفِيذِ بُنُودِ الْمِيثَاقِ عَلَى الصَّعِيدِ الْوَطَنِيِّ وَالإشِّرَافَ عَلَى إِعْدَادِ التَّقْرِيرِ الْوَطَنِيِّ الْمَاثِلِ الْيَوْمَ أَمَامَ لَجْنَةِ الْمِيثَاقِ الْعَرَبِيِّ لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ.
إِنَّ سَلْطَنَةَ عُمَانَ تُؤْمِنُ إِيمَانًا رَاسِخًا بِأَهَمِّيَّةِ صَوْنِ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ وَحِمَايَتِهِ مِنْ كُلِّ مَا يُهَدِّدُ سَلَامَتَهُ أَوْ يُؤَثِّرُ فِي مُمَارَسَتِهِ لِتِلْكَ الْحُقُوقِ. وَتُقَدِّرُ فِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ الدَّوْرَ الْكَبِيرَ الَّذِي تُؤَدِّيهِ جَامِعَةُ الدُّوَلِ الْعَرَبِيَّةِ وَلَجْنَةُ اَلْمِيثَاقِ اَلْعَرَبِيِّ لِحُقُوقِ اَلْإِنْسَانِ اَلرَّامِي إِلَى تَحْسِينِ أَوْضَاعِ حُقُوقِ اَلْإِنْسَانِ فِي اَلْعَالَمِ اَلْعَرَبِيِّ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ آلِيَّةِ التَّقَارِيرِ الدَّوْرِيَّةِ الَّتِي تُقَدِّمُهَا الدُّوَلُ فِي سَبِيلِ إِنْفَاذِ الْمِيثَاقِ الْعَرَبِيِّ لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ وَالَّتِي سَاعَدَتْ كَثِيرًا فِي إِذْكَاءِ الْوَعْيِ الْإِقْلِيمِيِّ بِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ وَدَفَعَتِ الدُّوَلَ الْأَعْضَاءَ إِلَى الِاسْتِفَادَةِ مِنْ هَذِهِ الْآلِيَّةِ وَإِدْرَاجِ مَضَامِينِ الْمِيثَاقِ الْعَرَبِيِّ لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ فِي تَشْرِيعَاتِهَا الْوَطَنِيَّةِ.
سَعَادَةَ الرَّئِيسِ
أَصْدَرَتْ سَلْطَنَةُ عُمَانَ فِي الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ يَنَايِرَ لِعَامِ 2021م نِظَامًا أَسَاسِيًّا جَدِيدًا لِلدَّوْلَةِ، وَالَّذِي أَكَّدَ فِي دِيبَاجَتِهِ أَنَّ مِنْ أَهَمِّ غَايَاتِ إِصْدَارِ هَذَا النِّظَامِ تَعْزِيزُ الْحُقُوقِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْحُرِّيَّاتِ الْعَامَّةِ، وَدَعْمُ مُؤَسَّسَاتِ الدَّوْلَةِ، وَتَرْسِيخُ مَبْدَأِ الشُّورَى، كَمَا أَكَّدَتْ نُصُوصُ النِّظَامِ الْأَسَاسِيِّ لِلدَّوْلَةِ عَلَى مَبْدَأِ اسْتِقْلَالِ الْقَضَاءِ وَسِيَادَةِ الْقَانُونِ كَأَسَاسٍ لِلْحُكْمِ، عِلَاوَةً عَلَى التَّأْكِيدِ عَلَى دَوْرِ الدَّوْلَةِ فِي كَفَالَةِ تَمَتُّعِ الْمُوَاطِنِينَ وَالْمُقِيمِينَ عَلَى أَرْضِهَا بِصِفَةٍ قَانُونِيَّةٍ بِالْمَزِيدِ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْحُرِّيَّاتِ، وَمِنْ أَهَمِّهَا:
– الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ، وَرِعَايَةُ الطِّفْلِ وَالْأَشْخَاصِ ذَوِي الْإِعَاقَةِ وَالنَّشْءِ وَالشَّبَابِ.
– إِلْزَامِيَّةُ التَّعْلِيمِ حَتَّى مَرْحَلَةِ التَّعْلِيمِ الْأَسَاسِيِّ، وَتَشْجِيعُ إِنْشَاءِ الْجَامِعَاتِ، وَالْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ وَرِعَايَةِ الْمُبْدِعِينَ وَالْمُبْتَكِرِينَ.
– الْحَقُّ فِي الْحَيَاةِ وَالْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالْحَيَاةِ الْآمِنَةِ وَحُرْمَةِ الْحَيَاةِ الْخَاصَّةِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ.
كَمَا أَنَّ مُرَاعَاةَ الْمَوَاثِيقِ وَالْمُعَاهَدَاتِ الدَّوْلِيَّةِ وَالْإِقْلِيمِيَّةِ وَقَوَاعِدِ الْقَانُونِ الدَّوْلِيِّ الْمُعْتَرَفِ بِهَا بِصُورَةٍ عَامَّةٍ، وَبِمَا يُؤَدِّي إِلَى إِرْسَاءِ السَّلَامِ وَالْأَمْنِ بَيْنَ اَلدُّوَلِ وَالشُّعُوبِ، تُعَدُّ مِنْ أَهَمِّ اَلْمَبَادِئِ اَلسِّيَاسِيَّةِ اَلْمُوَجِّهَةِ لِسِيَاسَةِ الدَّوْلَةِ اَلَّتِي أَرْسَاهَا النِّظَامُ الْأَسَاسِيُّ لِلدَّوْلَةِ، وَهَذِهِ الْمُعَاهَدَاتُ وَالِاتِّفَاقِيَّاتُ الدَّوْلِيَّةُ تَكُونُ لَهَا قُوَّةُ الْقَانُونِ بَعْدَ اَلتَّصْدِيقِ عَلَيْهَا، وَتُصْبِحُ جُزْءًا مِنْ قَانُونِ الْبِلَادِ.
وَانْطِلَاقًا مِنْ حِرْصِ سَلْطَنَةِ عُمَانَ عَلَى كَفَالَةِ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ، وَتَعَاوُنِهَا مَعَ الْآلِيَّاتِ الدَّوْلِيَّةِ وَالْإِقْلِيمِيَّةِ ذَاتِ الصِّلَةِ بِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ، فَقَدْ انْضَمَّتْ إِلَى الْأَغْلَبِ الْأَعَمِّ مِنْ الِاتِّفَاقِيَّاتِ الدَّوْلِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ، إِذْ شَهِدَ عَامُ 2020م انْضِمَامَ سَلْطَنَةِ عُمَانَ إِلَى(3) ثَلَاثِ اتِّفَاقِيَّاتٍ مِنْ اتِّفَاقِيَّاتِ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ الْأَسَاسِيَّةِ حَيْثُ صَدَرَ الْمَرْسُومُ السُّلْطَانِيُّ رَقْمُ 44/2020 الْقَاضِي بِالْمُوَافَقَةِ عَلَى الِانْضِمَامِ إِلَى “الِاتِّفَاقِيَّةِ الدَّوْلِيَّةِ لِحِمَايَةِ جَمِيعِ الْأَشْخَاصِ مِنْ الِاخْتِفَاءِ الْقَسْرِيِّ “كَمَا صَدَرَ الْمَرْسُومُ السُّلْطَانِيُّ رَقْمُ ٤٥/ ٢٠٢٠ بِالْمُوَافَقَةِ عَلَى الِانْضِمَامِ إِلَى” اتِّفَاقِيَّةِ مُنَاهَضَةِ التَّعْذِيبِ وَغَيْرِهِ مِنْ ضُرُوبِ الْمُعَامَلَةِ أَوْ الْعُقُوبَةِ الْقَاسِيَةِ أَوْ اللَّاإِنْسَانِيَّةِ أَوْ الْمُهِينَةِ”، وَصَدَرَ كَذَلِكَ الْمَرْسُومُ السُّلْطَانِيُّ رَقْمُ ٤٦/ ٢٠٢٠ بِالْمُوَافَقَةِ عَلَى الِانْضِمَامِ إِلَى “الْعَهْدِ الدَّوْلِيِّ الْخَاصِّ بِالْحُقُوقِ الِاقْتِصَادِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ” ، عَلَيْهِ فَقَدْ أَضْحَتْ سَلْطَنَةُ عُمَانَ طَرَفًا فِي سَبْعٍ مِنْ أَصْلِ تِسْعٍ مِنْ اتِّفَاقِيَّاتِ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ الْأَسَاسِيَّةِ، كَمَا قَدَّمَتْ سَلْطَنَةُ عُمَانَ تَقَارِيرَهَا لِلِّجَانِ التَّعَاقُدِيَّةِ ذَاتِ الصِّلَةِ بِالِاتِّفَاقِيَّاتِ الْمَذْكُورَةِ وَنَاقَشَتْهَا، مِمَّا يَعْكِسُ التَّعَاطِيَ الْإِيجَابِيَّ مَعَ آلِيَّاتِ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْمُسْتَوَى الدَّوْلِيِّ.
وَعَلَى الصَّعِيدِ الْإِقْلِيمِيِّ صَدَرَ الْمَرْسُومُ السُّلْطَانِيُّ رَقْمُ 16/2023 بِالْمُوَافَقَةِ عَلَى انْضِمَامِ سَلْطَنَةِ عُمَانَ إِلَى الْمِيثَاقِ الْعَرَبِيِّ لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ، مُؤَكِّدًا تَعَاطِيَ سَلْطَنَةِ عُمَانَ الْإِيجَابِيَّ مَعَ الْآلِيَّاتِ الْإِقْلِيمِيَّةِ لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ.
سَعَادَةَ الرَّئِيسِ،
إِنَّ الْمُتَتَبِّعَ لِمَسِيرَةِ التَّنْمِيَةِ الشَّامِلَةِ فِي سَلْطَنَةِ عُمَانَ مُنْذُ عَامِ 1970م وَحَتَّى الْآنَ، يَجِدُ أَنَّهَا تَضَعُ الْمُوَاطِنَ الْعُمَانِيَّ رَكِيزَةً لَهَا، وَتَمْضِي عَلَى نَحْوٍ تَصَاعُدِيٍّ، وَذَلِكَ إِيمَانًا مِنْ سَلْطَنَةِ عُمَانَ بِأَنَّ أَيَّ تَنْمِيَةٍ لَا تَقُومُ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ مِحْوَرٌ لَهَا سَيَكُونُ مَصِيرُهَا الْفَشَلَ لَا مَحَالَةَ، بَلْ إِنَّ تَبِعَاتِهَا سَتَنْعَكِسُ سَلْبًا عَلَى الْمُجْتَمَعِ.
وَقَدْ تَضَمَّنَ التَّقْرِيرُ الْوَطَنِيُّ الْجُهُودَ الَّتِي تَبْذُلُهَا الْحُكُومَةُ لِتَحْقِيقِ أَهْدَافِ اَلتَّنْمِيَةِ الْمُسْتَدَامَةِ، وَفْقًا لِجَدْوَلِ أَعْمَالِ اَلتَّنْمِيَةِ اَلْمُسْتَدَامَةِ فِي خُطَطِ وَاسْتِرَاتِيجِيَّاتِ اَلتَّنْمِيَةِ فِي عُمَانَ، وَفِي مُقَدِّمَتِهَا خُطَّةُ التَّنْمِيَةِ اَلْخَمْسِيَّةِ الْعَاشِرَةُ (2021-2025) وَرُؤْيَةُ عُمَانَ 2040.
وَتُؤَكِّدُ سَلْطَنَةُ عُمَانَ أَنَّ لَدَيْهَا التَّشْرِيعَاتِ وَالْمُؤَسَّسَاتِ الْكَافِيَةَ لِحِمَايَةِ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ عَلَى أَرَاضِيهَا، وَلَا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا حَفَلَ بِهِ التَّقْرِيرُ مِنْ عَدَدٍ كَبِيرٍ مِنْ التَّشْرِيعَاتِ ذَاتِ الصِّلَةِ بِتَعْزِيزِ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ، عِلَاوَةً عَلَى مَا أَكَّدَ عَلَيْهِ مِنْ تَوَفُّرِ الْمُؤَسَّسَاتِ الْمَعْنِيَّةِ بِدَعْمِ تَمَتُّعِ الْعُمَانِيِّينَ وَالْمُقِيمِينَ بِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ، بِمَا يَتَوَافَقُ مَعَ الْمَوَاثِيقِ الدَّوْلِيَّةِ الَّتِي تُعَدُّ وَفْقًا لِمَا أَفْصَحَ عَنْهُ النِّظَامُ الْأَسَاسِيُّ لِلدَّوْلَةِ جُزْءًا مِنْ قَانُونِ الْبِلَادِ النَّافِذِ.
سَعَادَةَ الرَّئِيسِ،
سَعَتْ سَلْطَنَةُ عُمَانَ- وَمَا زَالَتْ- مِنْ أَجْلِ الِاضْطِلَاعِ بِدَوْرِهَا الْفَعَّالِ كَأَحَدِ أَعْضَاءِ الْأُسْرَةِ الدَّوْلِيَّةِ، وَتَمَثَّلَ ذَلِكَ إِمَّا فِي التَّنْسِيقِ فِي عَمَلِيَّاتِ إِعَادَةِ الرَّهَائِنِ إِلَى بُلْدَانِهِمْ، أَوْ فِي اسْتِقْبَالِ الْجَرْحَى مِنْ الْبُلْدَانِ الَّتِي تَنْدَلِعُ فِيهَا نِزَاعَاتٌ مُسَلَّحَةٌ وَالتَّكَفُّلُ بِعِلَاجِهِمْ وَمِنْ ثَمَّ تَأْمِينُ عَوْدَتِهِمْ إِلَى بِلَادِهِمْ، عِلَاوَةً عَلَى جُهُودِهَا الَّتِي تَبْذُلُهَا فِي تَقْرِيبِ وُجْهَاتِ النَّظَرِ بَيْنَ الْأَطْرَافِ الْمُتَنَازِعَةِ فِي الْإِقْلِيمِ.
كَمَا تَلْتَزِمُ سَلْطَنَةُ عُمَانَ بِمُوَاصَلَةِ تَقْدِيمِ الْمُسَاعَدَاتِ الْخَارِجِيَّةِ لِلدُّوَلِ النَّامِيَةِ فِي صُورَةِ مِنَحٍ لِأَسْبَابٍ إِنْسَانِيَّةٍ وَتَنْمَوِيَّةٍ فِي كُلِّ أَنْحَاءِ الْعَالَمِ. وَقَدْ اسْتَفَادَ مِنْ هَذِهِ الْمُسَاعَدَاتِ عَدَدٌ مِنْ الدُّوَلِ. عِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، تُقَدِّمُ الْجَمْعِيَّاتُ الْخَيْرِيَّةُ الْعُمَانِيَّةُ وَعَلَى رَأْسِهَا الْهَيْئَةُ الْعُمَانِيَّةُ لِلْأَعْمَالِ الْخَيْرِيَّةِ مُسَاعَدَاتِ إِغَاثَةٍ عَاجِلَةً عِنْدَ حُدُوثِ الْكَوَارِثِ الطَّبِيعِيَّةِ وَفِي حَالَاتِ الزَّلَازِلِ وَالْمَجَاعَةِ فِي مُخْتَلِفِ بِقَاعِ الْعَالَمِ، مِمَّا يُؤَكِّدُ دَوْرَ سَلْطَنَةِ عُمَانَ الْكَبِيرَ فِي التَّقْلِيلِ مِنْ مُعَانَاةِ الْإِنْسَانِ فِي الظُّرُوفِ الصَّعْبَةِ الَّتِي قَدْ يَتَعَرَّضُ لَهَا فِي مُخْتَلِفِ بِقَاعِ الْأَرْضِ، دُونَ تَمْيِيزٍ بَيْنَ جِنْسٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ دِينٍ.
سَعَادَةَ الرَّئِيسِ،
إِنَّنَا عَلَى يَقِينٍ تَامٍّ بِأَنَّ تَسْوِيَةَ اَلنِّزَاعَاتِ بَيْنَ اَلدُّوَلِ بِالطُّرُقِ اَلسِّلْمِيَّةِ تُؤَدِّي- بِلَا أَدْنَى شَكٍّ- إِلَى تَعْزِيزِ وَتَرْسِيخِ اَلْأَمْنِ وَالسِّلْمِ اَلدَّوْلِيَّيْنِ، وَتَحْقِيقِ اَلْإِخَاءِ وَالْوِئَامِ بَيْنَ شُعُوبِ اَلْعَالَمِ، وَتَمْنَعُ هَدْرَ وَتَبْدِيدَ طَاقَاتِ وَمَوَارِدِ اَلدُّوَلِ فِي غَايَاتٍ لَا نَفْعَ وَلَا مَرْدُودَ مِنْهَا، وَذَلِكَ عَلَى حِسَابِ الْأَمْنِ وَالتَّنْمِيَةِ وَالِاسْتِقْرَارِ، وَهَذَا النَّهْجُ لَطَالَمَا دَعَتْ إِلَيْهِ سَلْطَنَةُ عُمَانَ وَاتَّخَذَتْهُ مِنْهَاجًا لَهَا؛ حَيْثُ أَكَّدَتْ وَتُؤَكِّدُ فِي كُلِّ مَحْفِلٍ وَمُنَاسَبَةٍ دَعْمَهَا لِمَبَادِئِ اَلْعَدْلِ، وَالسَّلَامِ، وَالتَّسَامُحِ، وَالْحِوَارِ، وَالتَّعَاوُنِ اَلْوَثِيقِ بَيْنَ اَلْأُمَمِ وَالشُّعُوبِ، وَالِالْتِزَامِ بِمَبَادِئِ اَلْحَقِّ، وَالْعَدْلِ، وَالْمُسَاوَاةِ، وَعَدَمِ اَلِاعْتِدَاءِ، وَعَدَمِ اَلتَّدَخُّلِ فِي اَلشُّؤُونِ اَلدَّاخِلِيَّةِ لِلدُّوَلِ، وَفَضِّ اَلنِّزَاعَاتِ بِالطُّرْقِ اَلسِّلْمِيَّةِ، وَفْقَ أَحْكَامِ وَمَبَادِئِ مِيثَاقِ اَلْأُمَمِ اَلْمُتَّحِدَةِ، وَقَوَاعِدِ اَلْقَانُونِ اَلدَّوْلِيِّ، بِمَا يُعَزِّزُ مِنْ سِيَادَةِ اَلْقَانُونِ وَبِنَاءِ الثِّقَةِ اَلْقَائِمَةِ عَلَى الِاحْتِرَامِ الْمُتَبَادَلِ لِسِيَادَةِ الدُّوَلِ، وَعَلَاقَاتِ حُسْنِ اَلْجِوَارِ، وَبِمَا يَحْفَظُ لِلدُّوَلِ أَمْنَهَا، وَاسْتِقْرَارَهَا، وَازْدِهَارَهَا.
وَقَدْ كَانَ لِسَلْطَنَةِ عُمَانَ وَلَا يَزَالُ مَوْقِفٌ ثَابِتٌ مِنْ الْقَضِيَّةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ عَبْرَ التَّارِيخِ لَمْ يَتَغَيَّرْ مُطْلَقًا رَغْمَ تَقَلُّبَاتِ الْأَحْدَاثِ السِّيَاسِيَّةِ فِي الْمِنْطَقَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَهَذَا الثَّبَاتُ نَابِعٌ مِنْ رُؤْيَةٍ خَاصَّةٍ لِلْقَضِيَّةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ تَنْطَلِقُ مِنْ الْتِزَامِ سَلْطَنَةِ عُمَانَ بِالْقَوَانِينِ الدَّوْلِيَّةِ وَالْمَوَاثِيقِ الَّتِي أَقَرَّتْهَا الْأُمَمُ الْمُتَّحِدَةُ وَجَامِعَةُ الدُّوَلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَإِيمَانِ سَلْطَنَةِ عُمَانَ مُمَثَّلَةً فِي قِيَادَتِهَا الرَّشِيدَةِ بِأَنَّ قِيَمَ الْعَدْلِ وَالْمُسَاوَاةِ وَالْحُقُوقِ وَالْحُرِّيَّاتِ يَجِبُ أَنْ تَسُودَ الْعَالَمَ حَتَّى يَتِمَّ تَجَنُّبُ الصِّرَاعَاتِ الدَّوْلِيَّةِ وَالْحُرُوبِ الَّتِي لَا تَعُودُ عَلَى الْبَشَرِيَّةِ بِخَيْرٍ، وَلَا تَجْلُبُ إِلَّا التَّخَلُّفَ وَالدَّمَارَ لِلْعَالَمِ أَجْمَعَ.
كَمَا أَنَّ رَوَابِطَ الْعُرُوبَةِ وَالدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ تَجْعَلُ مِنْ الِانْحِيَازِ لِلْقَضِيَّةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ، فَهَذِهِ الرَّوَابِطُ كَثِيرًا مَا جَنَّبَتِ الْأُمَّتَيْنِ الْوُقُوعَ تَحْتَ أَطْمَاعِ الدُّوَلِ الِاسْتِعْمَارِيَّةِ وَالَّتِي لَمْ تَدَّخِرْ جُهْدًا عَبَرَ التَّارِيخَ مِنْ أَجْلِ بَسْطِ سَيْطَرَتِهَا عَلَى الْمِنْطَقَةِ الْعَرَبِيَّةِ فِي فَتَرَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ التَّارِيخِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ لِمَنْ يَقْرَأُ التَّارِيخَ وَالْأَحْدَاثَ السِّيَاسِيَّةَ الَّتِي فَرَضَتْ عَلَى الْوَاقِعِ نَفْسَهَا.
وَقَدْ أَكَّدَ حَضْرَةُ صَاحِبِ الْجَلَالَةِ السُّلْطَانِ هَيْثَمُ بْنُ طَارِقٍ الْمُعَظَّمُ- أَبْقَاهُ اللَّهُ- تَضَامُنَ سَلْطَنَةِ عُمَانَ مَعَ الشَّعْبِ الْفِلَسْطِينِيِّ الشَّقِيقِ وَدَعْمَ كَافَّةِ الْجُهُودِ الدَّاعِيَةِ لِوَقْفِ التَّصْعِيدِ وَالْهَجَمَاتِ عَلَى الْأَطْفَالِ وَالْمَدَنِيِّينَ الْأَبْرِيَاءِ وَإِطْلَاقِ سَرَاحِ السُّجَنَاءِ وَفْقًا لِمَبَادِئِ الْقَانُونِ الدَّوْلِيِّ الْإِنْسَانِيِّ. كَمَا أَكَّدَ جَلَالَتُهُ ضَرُورَةِ اضْطِلَاعِ الْمُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ بِمَسْؤُولِيَّاتِهِ لِحِمَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ وَضَمَانِ احْتِيَاجَاتِهِمْ الْإِنْسَانِيَّةِ وَرَفْعِ الْحِصَارِ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ عَنْ غَزَّةَ وَبَاقِي الْأَرَاضِي الْفِلَسْطِينِيَّةِ، وَاسْتِئْنَافِ عَمَلِيَّةِ السَّلَامِ لِتَمْكِينِ الشَّعْبِ الْفِلَسْطِينِيِّ مِنْ اسْتِعَادَةِ كَافَّةِ حُقُوقِهِ الْمَشْرُوعَةِ بِإِقَامَةِ دَوْلَتِهِ الْمُسْتَقِلَّةِ عَلَى حُدُودِ عَامِ 1967م وَعَاصِمَتُهَا الْقُدْسُ الشَّرْقِيَّةُ وَفْقَ مَبْدَأِ حَلِّ الدَّوْلَتَيْنِ وَمُبَادَرَةِ السَّلَامِ الْعَرَبِيَّةِ وَجَمِيعِ الْقَرَارَاتِ الْأُمَمِيَّةِ ذَاتِ الصِّلَةِ.
كَمَا أَدَانَتْ بِلَادِي سَلْطَنَةُ عُمَانَ فِي مَرَّاتٍ عَدِيدَةٍ الْعُدْوَانَ الْغَاشِمَ الَّذِي تَشُنُّهُ إِسْرَائِيلُ عَلَى الْأَرَاضِي اللُّبْنَانِيَّةِ، فِي تَجَاهُلٍ تَامٍّ لِقَوَاعِدِ الْقَانُونِ الدَّوْلِيِّ الْإِنْسَانِيِّ، مُرَحِّبَةً بِإِعْلَانِ وَقْفِ إِطْلَاقِ النَّارِ فِي جُمْهُورِيَّةِ لُبْنَانَ الشَّقِيقَةِ، مُعَرِبَةً عَنْ تَقْدِيرِهَا لِلْجُهُودِ الْمَبْذُولَةِ لِلتَّوَصُّلِ لِهَذَا الِاتِّفَاقِ، دَاعِيَةً إِلَى خَفْضِ التَّصْعِيدِ وَإِنْهَاءِ الْحَرْبِ بِشَكْلٍ فَوْرِيٍّ، وَتَطْبِيقِ قَرَارَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الدَّوْلِيَّةِ ذَاتِ الصِّلَةِ.
كَمَا تُعْرِبُ بِلَادِي سَلْطَنَةُ عُمَانَ عَنْ مُتَابَعَتِهَا مِنْ كَثَبٍ لِلتَّطَوُّرَاتِ الَّتِي حَدَثَتْ فِي الْجُمْهُورِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّورِيَّةِ، مُؤَكِّدَةً عَلَى ضَرُورَةِ احْتِرَامِ إِرَادَةِ الشَّعْبِ السُّورِيِّ، وَالْحِفَاظِ عَلَى سِيَادَةِ سُورْيَا وَسَلَامَةِ أَرَاضِيهَا وَوَحْدَتِهَا، مُعَرِبَةً عَنْ إِدَانَتِهَا وَاسْتِنْكَارِهَا لِإِقْدَامِ قُوَّاتِ الِاحْتِلَالِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ عَلَى احْتِلَالِ أَجْزَاءٍ جَدِيدَةٍ مِنْ الْأَرَاضِي السُّورِيَّةِ فِي الْمِنْطَقَةِ الْحُدُودِيَّةِ الْعَازِلَةِ، وَخَرْقِهَا لِاتِّفَاقِيَّةِ فَضِّ الِاشْتِبَاكِ لِعَامِ 1974م.
خِتَامًا، تَفَضَّلُوا جَمِيعًا خَالِصَ شُكْرِيِّ وَتَقْدِيرِي عَلَى اَلْجُهُودِ اَلَّتِي تَبْذُلُونَهَا عَبْرَ لَجْنَتِكُمْ اَلْمُوَقَّرَ ةِ فِي خِدْمَةِ اَلْإِنْسَانِ وَحِمَايَتِهِ، وَتَحْقِيقِ طُمُوحَاتِهِ وَتَطَلُّعَاتِهِ، مُتَمَنِّيًا أَنْ يَعْكِسَ هَذَا اَلْحِوَارُ اَلْبَنَّاءُ اَلْجُهُودَ اَلْحَقِيقِيَّةَ الَّتِي تَبْذُلُهَا سَلْطَنَةُ عُمَانَ فِي سَبِيلِ تَنْفِيذِ أَحْكَامِ الْمِيثَاقِ الْعَرَبِيِّ لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ ، مُؤَكِّدِينَ أَنَّ التَّعَاوُنَ مَعَ الْآلِيَّاتِ الْخَاصَّةِ بِجَامِعَةِ الدُّوَلِ الْعَرَبِيَّةِ تَحْظَى بِعِنَايَةِ وَرِعَايَةِ حُكُومَةِ سَلْطَنَةِ عُمَانَ عَلَيْهِ سَتَحْظَى النَّتَائِجُ الَّتِي سَيَخْلُصُ إِلَيْهَا حِوَارُنَا الْبَنَّاءُ الْيَوْمَ بِعِنَايَةِ وَتَقْدِيرِ حُكُومَةِ بِلَادِي سَلْطَنَةِ عُمَانَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْزِيزٍ لِلْحُقُوقِ وَالْحُرِّيَّاتِ الَّتِي يَتَمَتَّعُ بِهَا اَلْمُوَاطِنِونَ وَالْمُقِيمِونَ عَلَى أَرْضِهَا اَلطَّيِّبَةِ.
وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ، ،