أهم الأخبار

ذكرى يناير الأسود في تاريخ أذربيجان.. بقلم: د. إلخان بولوخوف سفير جمهورية أذربيجان لدى جمهورية مصر العربية

في مثل هذا اليوم من كل عام، يزور آلاف وآلاف من المواطنيين فى جمهورية أذربيجان “حديقة داغوسوتو”، المكان الذي دفنت فيه رفات ضحايا النضال من أجل الاستقلال، لإحياء ذكرى حدث مأساوى في تاريخ البلاد أطلق عليه فيما بعد بــ 20 يناير الأسود. منذ 35 عاما، في ذلك التاريخ من عام 1990، غزت القوات السوفيتية باكو، عاصمة أذربيجان، من أجل قمع حركة الاستقلال في أذربيجان. أسفرت المجزرة الوحشية التي ارتكبتها القوات السوفيتية ضد السكان المدنيين بوحشية غير مسبوقة عن مقتل 133 شخصا وأكثر من 700 جريح. وعلى مدى عدة أيام، شنت آلاف القوات السوفيتية هجوما على المحتجين، وأطلقت النار على الحشود دون سابق إنذار، مما أسفر عن مقتل الأبرياء واعتقلت المئات والمئات. وكان من بين الضحايا كبار السن والنساء والأطفال وأشخاص من مختلف الانتماءات العرقية والدينية، أشخاص مسالمون أرادوا فقط الاستقلال لوطنهم.

وعلى الرغم من القيود الصارمة التى فرضت على المراسلين الدوليين لتغطية هذه المأساة، فقد نشرت التقارير عن الجرائم التي ارتكبها الجيش السوفيتي. وأصبحت المجزرة معروفة في العالم باسم “يناير الأسود”.

ربما كان الحدث الأكثر أهمية في مأساة يناير الأسود هو الحدث الذي وقع ليس في باكو، بل في موسكو. ففي اليوم التالي لاقتحام القوات السوفيتية للعاصمة الأذربيجانية، توجه الزعيم الوطني للشعب الأذربيجاني حيدر علييف إلى مكتب الممثلية الدائمة لجمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفيتية في العاصمة السوفيتية موسكو ليشارك الشعب الأذربيجاني غضبه ويعبر عن احتجاجه ضد النظام السوفيتي الذي كان حتى ذلك الحين جزءًا منه.

كانت تصريحات حيدر علييف في وقت يناير الأسود بمثابة الأساس لتوليه رئاسة أذربيجان المستقلة بعد عدة سنوات ولدوره البارز في النظام السياسي الأذربيجاني حتى يومنا هذا. ومن خلال وقوفه إلى جانب الشعب بدلاً من النظام السوفيتي، أظهر وطنيته الأذربيجانية الحقيقية وأظهر الطريق لكثيرين آخرين ليتبعوه.

لقد كان لتصريح حيدر علييف، الذي جاء في الوقت الذي واصلت فيه موسكو حملتها القمعية الوحشية في باكو، له تأثير عميق على المجتمع الدولي. وكان الكثيرون في الغرب حتى تلك اللحظة يحتفظون في أذهانهم بالتمييز الواضح بين الوضع في أوروبا الشرقية ودول البلطيق الثلاث من ناحية، وجمهوريات الاتحاد السوفييتي الاثنتي عشرة من ناحية أخرى. وكان هؤلاء المراقبون في الحكومة وخارجها في ذلك الوقت ينظرون إلى الأنظمة في أوروبا الشرقية ودول البلطيق باعتبارها غير شرعية، ولا يتم الاحتفاظ بها في السلطة الا بتهديد القوة السوفيتية، ولكن معظمهم يرون بقية الاتحاد السوفيتي يعتبر دولة واحدة، كانوا يأملون أن يقوم ميخائيل جورباتشوف بإصلاحها. ولكن تصريح حيدر علييف غيّر هذا النهج!

لقد تم تنفيذ الغزو كرد فعل عنيف على المطلب الشعبي بالاستقلال، ولكن حتى بعد هذه القسوة لم تتمكن القيادة السوفييتية من توقف حركة الحرية للشعب الأذربيجاني، وفى النهاية أعلنت أذربيجان استعادة استقلالها في 18 أكتوبر 1991.

على الرغم من العواقب المأساوية لهذا الحدث، فقد سجل يوم 20 يناير في تاريخ أذربيجان كواحدة من أكثر الصفحات المجيدة. فقد اصبحت حركة التحرير التي بدأت قبل هذا الحدث بوقت طويل غير قابلة للتراجع بعد هذا اليوم.

وتتمتع أذربيجان اليوم باستقلالها بفضل هؤلاء الأشخاص الذين ضحوا بأرواحهم ايمانا منهم أن وطنهم سيظل مستقلا يومًا ما. ستبقى ذكرى هؤلاء الأبطال في قلوبنا إلى الأبد.

كل عام تشارك سفارة جمهورية أذربيجان في مصر هذه القصة مع الشعب المصري الشقيق، الذي قطع طريقًا طويلًا داميًا للاستقلال من خلال تقديم العديد من الشهداء.

وكانت مصر من أوائل الدول في العالم التي اعترفت باستقلال أذربيجان من خلال إقامة علاقات دبلوماسية مع الجمهورية الشابة عام 1992. وباعتبارهما من القيادات في مناطقهما، ترى كل من باكو والقاهرة أنفسهما شريكين أقوياء وموثوقين على الساحة الدولية، وقد تجسد هذا التوجه فى أعلى مستويات العلاقات بين البلدين.

ترتبط البلدان برؤية مشتركة حول عدد من القضايا ذات الأجندة الدولية، ويستمر التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها من المجالات التي تنمو يومًا بعد يوم وتحول علاقتنا إلى صداقة حقيقية بين دولتينا الشقيقيتن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى