د مصطفى فرغلى عثمان ….الأحزاب السياسية في مصر بين النظرية و التطبيق
د مصطفى فرغلى عثمان
تكتسب الأحزاب عموما أهميتها من بناءها المؤسسي و هيكلها التنظيمي و برامجها الفكرية و السياسية ؛ الامر الذى يرفعها إلى درجة التأثير في المجتمع بالشكل الذى يزيد عادة عما يستطيع فعله الافراد بشكل فردى لما تملكه هذه الكيانات السياسية من رؤى موحدة و أراء متجانسة يقوم الحزب على رعايتها بجهود متضافرة و نشاطات منسقة ؛ و هذه هي القاعدة العامة التي تطبق على أهمية هذه الكيانات .
يوجد بمصر الان ما نيف عن الثمانون حزبا سياسيا ؛ و رغم هذه الوفرة عاشت مصر في الماضي القريب مارثون انتخابات الشيوخ و النواب ؛ هذا الكم الهائل من الأحزاب السياسية كان غير قادر على دخول الانتخابات بقائمة واحدة في الشيوخ فازت بالتزكية بعد حصولها على نسبة 5 بالمائة المقررة بالقانون و على استحياء قائمتين في النواب بائتلاف حزبي في الغرفتين مما يبرهن على شكلية الأحزاب السياسية في مصر .
فلو انزلنا حكم القاعدة المشار اليها على شكل الأحزاب السياسية في مصر نجد أن اقوى الأحزاب التي وصلت بنسبة كبيرة الى السلطة التشريعية بغرفتيها الشيوخ و النواب تتحلي بضعف في بنيانها المؤسسي مع عدم قدرتها على امتلاك برامج فكرية أو سياسية و عدم قدرتها أيضا على التأثير على المجتمع رغم ما يبدوا لها من نجاح في تمثيله بالبرلمان بنسب مرضية لها ؛ كذلك غياب الرؤى الموحدة و البعد تماما عن الآراء المتجانسة لآراء أعضاء هذه الأحزاب ؛ نهيك عن الضعف العام لجل الأحزاب السياسية التي لم تمثل في البرلمان و التي لا تملك في الأصل بناء مؤسسي أو تنظيمي و لا تستطيع الوصول الى التأثير المطلوب من الحزب على المجتمع .
الامر الذى يُرى معه ضرورة تقليص عدد الأحزاب السياسية بالدمج وفقا لفكرة التصنيف اليمن و الوسط و اليسار ؛ كذلك ضرورة تناول قانون تنظيم الأحزاب شروطا اكثر ارتباطا بالقاعدة العامة المسار اليها التي تحكم فاعلية و أهمية الأحزاب السياسية من أجل تحقيق طموح مصر السياسي .